الأخبار والنشاطات

الحدادة فن التلاعب بالحديد والنار لترويض الصلب وصناعة الجمال

الحدادة فن التلاعب بالحديد والنار لترويض الصلب وصناعة الجمال
تم النشر في 2024/04/15 06:30 647 مشاهدة

تعتبر الحدادة من أهم الحرف التراثية القديمة في العراق نظراً  لحاجة السكان للمنتجات المصنوعة من الحديد  وذلك لاستخدامها كثيرا في المنازل والمحال التجارية وفي الحرف المختلفة، والحدّاد هو الحرفي الذي يقوم بصنع الأدوات باستخدام الحديد، ومن أهم الأدوات التي كان يصنعها الحداد الكربلائي "كانوا يصنعون الابواب والشبابيك وتجهيز كل احتياجات مؤسسات الدولة، وكذلك تجهيز المحافظات الوسطى والجنوبية عدا محافظتي النجف الاشرف وبغداد اللتين كانتا تمتلكان مصانع وورش ذات خبرات كبيرة، وكذلك صنع الأدوات التي كانت تستخدم في الزراعة كالمحش والمنجل والعمود والخ من الأمور التي تصنع كتحف فنية من الحديد لذلك 
تعتبر «الحدادة» فناً قائماً بذاته، حيث تتم إذابة الحديد والنحاس والمعادن لتُشكَل منها قطع ومستلزمات منزلية وأشكال وأحجام متنوعة من المصنوعات المعدنية التي تخدم مجالات عدة .


الحداد :بين قساوة الحديد وضربات المطرقة 

تحدث لموقع كربلاء) الحداد نزار محمد من مواليد ١٩٦١ وخريج دار المعلمين لسنة ١٩٨٢ قائلا انا اعمل في هذا الشارع وعمري ٧ سنوات اي من عام ١٩٦٧ تعلمت مهنة الحدادة من والدي وورثنا هذه الحرفة بمايقارب ال١٠٠ عام وهي مصلحتنا ونعرف كل تفاصيل العمل بها تتوفر لدى كل حداد أدوات خاصة بممارسة الحدادة مصنوعة من الحديد، أهمها السندان، المطرقة، الفأس الصغيرة، الكلاّب، المنشار، القالب، الشفك، المثقاب، المسّن، البوطي، الولاعة والغاز. وأدوات أخرى تختص بالنقوش والزخرفة على سطح النحاس والمعادن ،مهنة الحداد تبدأ بتسخين قطعة حديد في الفرن التقليدي أو في مكان مخصص لهذه المهمة، ويساوي حجمها الشكل المراد عمله لإذابتها، وثم يقوم الشخص بتشكيلها بالمطارق والأشكال حتى الوصول للهدف المطلوب، وبعد الانتهاء من هذه المرحلة يتم تغطيس هذه المواد المصنوعة في المياه لتبريدها لتصبح على شكل صلب بما يكفي منعاً لتمددها واختلال شكلها.


الحدادة مهنة تحفها المخاطر 

مهنة الحدادة لم تخل من الخطورة خصوصاً وأن الأشخاص الذين يمتهنونها يعملون لساعات طويلة أمام درجات حرارة مرتفعة بجانب حرارة الطقس التي لم تعرف أجهزة التبريد سابقاً، إذ كانوا تارة يضعون هذه الأدوات الحديدية على النار لتحويلها لأشكال مطلوبة، وتارة أخرى يجتهدون لإشعال النار وزيادة حرارتها ولهيبها لتصبح قادرة على تذويب هذه المواد الحديدية الحدادة  من المهن الشاقة والصعبة، فأن العاملين بها يتطلب عملهم الإحتكاك بالنار والحديد مباشرة و يومياً وهي من البيئات الخطرة حيث نقص كميات الأوكسجين  والغازات الضارة  وأمور أخرى كثيرة، مما يتسبب في الإصابة بالكثير من الأمراض نتيجة طبيعة ذلك العمل وخصوصاً مرض التهاب العيون وتسلخات الجلد.

 الحداثة وأثرها

ويقول نزار سابقاً كانت هذه المواد تقريباً كلها تصنع بأيدينا أما حالياً العكس مايقارب ٩٠ ٪ استيراد اي عشرة بالمئة فقط نحن نقوم بصناعته لكن الذي نستوردة  نقوم بأعادة صناعته وتغيرها لأنها غير مضبوطة مثلما كنا نصنع سابقاً مهنة الحداد من ضروريات المجتمع التي يحتاج لها الفرد ولايمكن الاستغناء عنها 


مهنة الاجداد

ويسرد اسماء ابرز اسطوات الدرجة الاولى الذي يبلغ عددهم بحدود عشرين حدادا بقوله انهم  جواد علي الشمر وشقيقيه صادق وعلي وحجي جواد عبود وجابر حداد وحجي اموري والاخوة كاظم وكريم وفاضل النيار، ومن تحت ايديهم تخرج العشرات من الحدادين، حيث كانوا يصنعون ابراج الحديد ومنارات المساجد وابواب الحسينيات وحديد الاضرحة المقدسة، وقبله عملوا هياكل الشيلمان التي تعتمد في بناء الدور على شكل قواطع ، وكذلك الابواب والشبابيك، ما يعني ان بناء البيوت كان يعتمد على عمل الحداد بشكل كامل، بعدها مارسوا العمل بشيش التسليح بعد ان تحولوا بخبراتهم التي اكتسبوها من الطفولة وخلال العمل بهذا المجال والتي تثير الدهشة والاعجاب حيث اغلبهم لا يقرأون ولا يكتبون "أميون " الا انهم يمتلكون خبرات تصل الى خبرات  اصحاب الشهادات الاكاديمية ، حيث كانوا يعتمدون في البداية على (البرجيم) وهو ما يشبه الربط ب(التونك) وبعدها الاعتماد على كورة النارة لتصنيع الكثير من المعدات ومنها المسمار العصفوري لتثبيت الانابيب وجلاب المروحة بواسطة القوالب، و ثم دخلت مكائن لحيم الولدن ومن تحت ايديهم انتشر العشرات او المئات من اسطوات الحدادة في كربلاء

 

اراء البعض

تحدث إلى كربلاء) الحاج محمد علي من سكنه كربلاء قائلا إن مهنة الحدادة   مهمة في حياتنا اليومية ولايمكن التخلي عنهاإنّ الكثير من الأبواب والمقاعد يدخل الحديد في صناعتها، كما أن الحداد يصنع الواجهات التي تحمي الأطفال من خطر الوقوع من شرفات أو نوافذ المنازل، ويصنع الأدوات الزراعية التي لا يمكن أن تتم الزراعة في غيابها، والعديد من أدوات الطبخ التي تحتاجها ربة المنزل لطهو الطعام

أما ابوحسين قال إن الحداد له دور كبير في عملنا اليومي والكثير من الأعمال تتوقف اذا لم يكن موجوداً وتتعرض للعديد من الخسائر لولا وجوده مهنة الحدادة لها أثر كبير في سير عجلة الحياة وفي كل الأمور اليومية فنحن نعتمد عليه بالكثير من الاحتياجات التي يقوم بتصنيعها لنا للمساعدة في استمرار العمل .

ام شهد قالت إنا احتاج الحداد في الكثير من الأمور في بيتي وعملي ايضاو الكثير من الأدوات الصغيرة التي تتطلب الصبر والدقة، وليس أي إنسان قادر على تحمل الصبر والقيام بالعمل بدقةٍ تلفت الأنظار، لذا أشعر أن الحداد مبدعٌ، وأنّ عمله لا يُشبه المهن التي لا تحتاج سوى الجهد دون أن يضع فيها الشخص الذي يمارسها لمسةً منه تخبر الآخرين أن هذا العمل متقن لذا فإن الحداد ضروري وجوده في حياتنا اليومية
عفاف الغزالي 
تصوير رامي الكربولي