الأخبار والنشاطات

التمييز بين الابناء يحطم الاواصر الاجتماعية

التمييز بين الابناء يحطم الاواصر الاجتماعية
تم النشر في 2023/07/06 11:16 5K مشاهدة

لم أسامح أخي التوأم الذي هجرني لستّ دقائق في بطن أمي وتركني هناك  وحيدًا مذعورًا في الظلام  عائمًا كرائد فضاء في بطن أمي  مستمعًا إلى القبلات تنهمر عليه في الجانب الآخر، كانت تلكَ أطولُ ست دقائق في حياتي  وهي التي حددت في النهاية أنَّ أخي سيكون اﻹبن اﻷكبر والمفضل لأمي، منذ ذلك الحين أصبحت أسبق أخي في الخروج من كل الأماكن  من (الغرفة ، البيت ، المدرسة ، السينما) مع أن ذلك كان يكلفني مشاهدة نهاية الفيلم.
وفي يوم من الأيَّام ، تأخرت فخرج أخي قبلي إلى الشارع  وبينما كان ينظر إليّ بابتسامته الوديعة  دهسته سيارة، أتذكّر أن والدتي لدى سماعها صوت الضربة خرجت  من المنزل مسرعة ومرت من أمامي ذراعاها كانتا ممدودتان نحو جثة أخي ولكنها تصرخ باسمي.
حتى هذه اللحظة لم أصحح لها خطأها أبدًا!
قصة قصيرة جسدها لنا الكاتب الاسباني رافاييل نوبوا حول تمييز الابناء ومدى تأثرهم بذلك منذ صغرهم  الأمر الذي يقود غالبا الى تحطيم اواصر العلاقة الاجتماعية بسبب تفرقة الاباء فيما بينهم.
بهذا الجانب اجرى (موقع كربلاء الاخباري ) هذا الاستطلاع:

وصمة عار
صفا عبد الرزاق خريجة معهد قبالة استطردت قائلة: مارست امي قسوتها اتجاهي بدون شفقة حتى وصل الامر ان ابحث عن اوراق ثبوتيه اخرى ربما تكشف باني لست ابنتها بسبب ما تعرضت له على يدها.
الذنب الوحيد الذي اقترفته انني لم اكن جميلة مثل اختي التي تصغرني بعام فلم املك شعرها الذهبي ولون عينيها الخضراء ولم اتمكن من الالتحاق بجامعة الهندسة او الطب كانت تنعتني بالفتاة البشعة حتى تحصيلي الاكاديمي كان هو الاخر اشبه بوصمة عار تلاحقني.
وتابعت : التفرقة بيني وبين اختي جعلتننا كالغريبتين فقد كانت لها الاولوية بكل شيء حتى الخاطبين، وبسبب الضغوط النفسية والعاطفية التي استنزفت مني متعة الاخوة والعلاقات الاسرية قررت الزواج من اول رجل يطلبني دون ان افكر بتبعات هذه الزيجة فقط للتخلص من الاضطهاد الذي تعرضت له في كنف اسرتي.
من جانب اخرى تحدث كريم وهو اسم مستعار عن العلاقة التي انهارت بينه وبين ابويه واخوه بسبب التفرقة التي كانت كفيلة بان يحرم من ميراثه حدثنا قائلا: رفضي بالزواج من العروس التي اختارها لي ابي ودخولي الجامعة التي ارادها جعلني الابن العاق من وجهة نظره لمجرد تمسكي بحقي في اختيار حياتي .
واضاف لقد نفذ ابي تهديده بحرماني من حقي الشرعي في الميراث وقبل اخي ذلك الحق على نفسه حتى بعد وفاة والدنا الامر الذي كان سببا في اتساع  مسافة الفراق بيننا لتصل الى القطيعة.

فيما قالت امل رميض موظفة : ان مشكلة التفرقة بين الابناء يمكن ان تمتد من الابناء الى الاحفاد  فقد اعتدت على تفضيل ابي للأبناء على البنات وتقبلت الامر ولكن  بمرور الايام بدى  تميز حبه لأحفاده من اخوتي يشعرني بالاسى فقد كان كثيرا ما يهتم بهم اكثر من ابنائي من خلال حضور مناسباتهم وتقديم الهدايا لهم، حتى بات ابني البكر يشعر بهذا التمييز مما جعله يبتعد عن جده ولا يشعر بنحوه بأي عاطفة.

 وترى المحامية كوثر المسعودي ان مشكلة التفرقة بين الابناء يمكن ان تتسع لتصل الى القضايا القانونية بسبب الميراث التي تقود احيانا الى جرائم قتل او اعتداء.
لهذا الموضوع المهم تبعات تولد بسبب الغيرة لذى يتوجب على الابوين عدم التحيز لاحد الابناء وخصوصا بمسألة الميراث واخفاء أي مشاعر ازاء هذا الامر.

رؤية نفسية  
تقول الاستشارية النفسية نور مكي الحسناوي لـ (موقع كربلاء الاخباري) : ان التفرقة بين الابناء سوى كانت بقصد او دون قصد تسبب بالكثير من الجوانب السلبية حتى بعد تخطي مرحلة الطفولة اذ تترك اثر يولد الحقد او الغيرة او الانانية وغالبا ما تسبب عقوق الوالدين، فهي سبب اساسي لكثير من المشكلات النفسية.

واضافت الحسناوي : كما يمكن ان تعكس اضرار هذه التفرقة على المجتمع وليس فقط على الشخص نفسه.
 وذلك نتيجة السلوكيات السلبية التي يحملونها فقد لا تنحصر المشادات او توتر العلاقة بين الاخوة او الابوين داخل الاسرة بل تمتد إلى الزملاء في المدرسة والعمل.
واعدلوا في العطية

فيما قال الشيخ عقيل الحمداني بهذا الجانب : عن رسول الله (ص) قال : (اتقوا الله واعدلوا في العطية بين اولادكم) . 
فمن الامور الهامة التي لابد ان يلتفت اليها الاباء ضرورة العدل بين اولادهم ومن ابرز التفرقة بين الاولاد هو اختلاف الجنس فهناك آباء  يفضلون الذكور على الإناث وهناك العكس.⠀ 
اما لاختلاف العمر دور بالتفرقة فبعضهم يفضل الابن البكر او اصغرهم كما يطلق عليه آخر العنقود.
وهناك الاختلاف في الهبات والمنح الربانية كالجمال والذكاء والقوة، والاختلاف في بر الوالدين فالقلب قد يلين للولد المطيع المهذب عن الولد العنيد، وقد تتضح هذه التفرقة في المعاملة في عدة صور، منها مثلاً المنح والمنع كإعطاء مصروف أكبر أو شراء سيارة مثلاً.

وايضا اللين والقسوة كالتمادي في تدليل البنت أو الولد او اصغر الاطفال مع القسوة في التعامل مع الأبناء الآخرين.
فضلا عن الضم والتقبيل بإشباع الطفل المفضل بالعاطفة ونبذ الاخر ، والمدح والذم كتكرار ذكر محاسن أحد الأبناء تحديداً أمام إخوته أو في التجمعات العائلية.
فالطفل الأقل تميزاً سوف يعاني من مشكلات وعقد نفسية أشد خطورة، اذ سوف ينشأ حقوداً وغيوراً وكارهاً لأخيه المميز عنه، و عدم الثقة في الأسرة وبعد ذلك في المجتمع عامة، كما ينتج عن هذا تكوين آباء وأمهات غير أسوياء في تعاملهم مع أبنائهم في المستقبل.
وقد يصاب بالانطواء والعزلة والاكتئاب والشك المرضي في الآخرين، وبعدم الثقة والتدني والإهمال والتي قد تتسبب في فشلة في مراحل عمرة سواء دراسيا أو مهنيا.
وفيما يخص عقوق الوالدين تابع الحمداني: ان اغلب الابناء بسبب التمييز الذي يتعرضون له في صغرهم حتى تقدم العمر هو ما يقودهم الى العقوق وذلك يعود الى الابوين  وها اكثر شخصين يتعرضون للأذى بسبب ذلك، فبعد انفصال الابن عنهم نتيجة انشغاله بالعمل أو بأسرته يلاحظون أنه يقوم بتهميشهم أو بمعاملاتهم بشكل جاف.
وربما يبحث الابن عن الحب والحنان والتفاهم المفقود داخل الاسرة عند الاغراب وبذلك ربما يقع فريسة لأصدقاء السوء. 

ختم حديثه: يكمن حل هذه المشكلة العويصة في العدل التام بين الابناء عاطفيا وماديا، وان كان احدهما يميل لطفل عن آخر يجب ألا يظهروا ذلك ومحاولة اظهار نفس المشاعر فيما بينهم.

موقع كربلاء الاخباري

تحرير/ زهراء جبار الكناني