الأخبار والنشاطات

أواصر الجيران الاجتماعية... طوق من ذكريات الزمن الجميل

أواصر الجيران الاجتماعية... طوق من ذكريات الزمن الجميل
تم النشر في 2023/10/06 07:57 526 مشاهدة

ما زالت تستذكر الحاجة ام عماد ايام طفولتها في كنف اسرتها وهي تقطن في احد ازقة مركز المدينة حيث كانت علاقتها بجاراتها متينة جدا اذ تشاركها بكل شيء، الحديث والثياب والسفر والافراح والاحزان، غير ان هذه العلاقات المتينة امست تضمحل بمرور الزمن وباتت تنحصر بالتدريج.

النسيج الاجتماعي 
يحتل الجار مكانة في بناء النسيج الاجتماعي فقد أولت السنة النبوية المطهرة اهمية آداب الجوار لتوطيد أواصر المحبة بين الافراد والمجتمعات إلا إن هذه المقولة بدأت بالمواراة بعد التقدم الحضاري والتكنولوجي الذي غزى المجتمع برمته مع مغريات الحياة المتزايدة وعدم توفر الثقة والتي بدورها اثرت سلبا على العلاقات الاجتماعية. 
(موقع كربلاء الاخباري) كانت له جولة استطلاعية بهذا الجانب:

الجيرة الطيبة 
يستذكر ابو مصطفى (الجيرة الطيبة ) كما اسماها قائلا: إن الأيام التي عشتها في طفولتي ما زالت لها اثر كبير كلما عصفت الذكريات بداخلي, حيث كنا نقطن في مركز المدينة. 
ففي الماضي كان الجار  يسهر على راحة جاره والوقوف بجانبه بكل ما يمر به من مناسبات حزينة كانت أو سعيدة فتراه اقرب من ذويه أذ كان الجار يأتمن ماله وحلاله لدى جاره بل  يسلمه مفاتيح داره إذا ما سافر، ولا تهز الجيرة هفوات الأطفال أو منغصات درداء المنطقة(نمامة الحي) كما يسميها البعض.

ويرى محمد الخفاجي أن العلاقات الحالية بين الجيران اصبحت متواضعة لكنها غير معدومة وذلك لتنقل الجيران بسبب الظروف المعيشية كارتفاع الايجار وغيرها من المفارقات كطبيعة الحياة المتسارعة وانشغال الناس بالتكنولوجيا ففي الماضي لم تكن هذه الوسائل متاحة لذلك نرى علاقات الجيران اكثر قوة. 
مضيفا، بانه على الرغم من ذلك نجحت بعض العائلات في بناء علاقات وثيقة مع جيرانهم إذا توفرت الظروف المناسبة مثل استمرار السكن لفترة كافية لكسب الثقة او وجود عوامل مشتركة مثل الخروج معا في رحلات سفاري لزيارة المراقد المقدسة او السياحة او تجمعهم دراسة الاطفال في مدرسة مشتركة أو غيرها من العوامل.

وتقص أم رفل موقف جارهم المحاذي لهم قائلة: لقد حصل التماس كهربائي في بيتنا دون ان نعلم به فهرع جارنا إلى نجدتنا وإبلاغنا بالأمر بعدما رأى ألسنة اللهب تتعالى من نافذة المطبخ لندرك الموقف قبل وقوع الكارثة, وهذا يدل على وجود نكهة جيران زمان، فلو خليت قلبت.

مصدر إزعاج
وعلى النقيض من ذلك يقول أبو إيلاف (متقاعد) لقد ذقت ذرعا من جارنا (المطيرجي) ففي بكرة الصباح يعتلي السطح ماسكا عصا طويلة مربوطة فيها خرقة سوداء وصوته يتعالى بكلمات بذيئة وصرخات لإرهاب الطيور, ذهبت لمناشدة الأب بردع ابنه عن أفعاله المشينة فقد بات يقيد حرية نسائنا من ارتياد السطح لغرض نشر الغسيل أو غير ذلك, فضلا عن تعرضنا لرمي الحصى مطاردا لطيوره، إلا إن والده لم يكترث وجاءني الجواب صادما بأن هذا بيتنا ونحن أحرار فيه ومن لا يعجبه الأمر  فلينتقل!
ختم حديثه بحزن: كثيرا ما أحببت بيتي فقد ورثته عن أبي إلا إني قررت بيعه بسبب أذية جاري.
وسردت ام أركان حكايتها عن الجارة النمامة التي كانت تزورها  كل يوم وتقوم بالعمل نفسه  مع كل نساء الزقاق وذلك لنقل الكلام فيما بينهن لإثارة الفتنة حتى تحولت علاقات الجارات إلى صراعات وانقطعت الجيرة بسبب تلك المرأة.
رؤية اجتماعية
وشاركتنا الباحثة الاجتماعية ثورة الأموي قائلة: إن العلاقة بين الجيران تختلف على حسب البيئة المحيطة التي يعيش فيها الشخص فنجد في القرى مازالت العلاقة بين الجيران تتمتع بحيويتها، كما دعا الإسلام إلى الألفة والمحبة والتواصل فيما بينهم وشدد في أكثر من نص على حقوقه. 
مضيفة، بأن العلاقات اليوم تأثرت بالظواهر الاجتماعية الدخيلة وباتت تنحسر لتصل حد إيماءات السلام، وهذا بسبب العولمة التي افسدت الأواصر حتى في البيت الواحد، لذى يتوجب اعادة الحياة للعلاقة بين الجيران بحدود المعقول وضرورة اختياره قبل الدار باعتباره اقرب من الأهل والأصدقاء.

رؤية شرعية
فيما قال الشيخ نزار التميمي: لقد أولت الشريعة الإسلامية بكل مصادرها اهتماما بالغا وملفتا فيما يخص الجار وذلك لأهمية حقوقه، فضلا عن موروثنا العربي في هذا المجال حيث عرف عن أسلافنا الأقدمين والأقربين بالحث على احترامه، غير ان علاقات الجيرة بدت بالتناقص لتصل بعضها الى مراكز الشرطة وهذا يأتي من الابتعاد عن روح الإسلام وأخلاق قيم العرب.
فضلا عن، الفوارق الطبقية التي بدأت تشتاح الأوساط الاجتماعية في السنين الأخيرة  بشكل ملحوظ مما أدى إلى بث روح الكراهية والحسد والاعتداء بين الجيران.
ختم حديثه: ما نحتاجه اليوم هو مزيد من التواضع والألفة والاحترام والتعاون قدر الإمكان لإعادة  الثقة بين الجوار, لتستقيم حياتنا ونتجنب كل حالات التوتر والعصبية وسوء الفهم الذي طالما ينتهي إلى نتائج مؤلمة ومؤسفة لا يحمد عقباها.
موقع كربلاء الاخباري
تحرير/ زهراء جبار الكناني