الأخبار والنشاطات

شعائر عاشوراء باتت وسائل لتعبئة الوعي الجمعي في المجتمعات

شعائر عاشوراء باتت وسائل لتعبئة الوعي الجمعي في المجتمعات
تم النشر في 2023/07/27 09:18 832 مشاهدة

تتجسد ذكرى واقعة الطف من خلال تأدية الشعائر الحسينية، التي تحمل في طياتها الكثير من العبر والدروس القيمة التي تعزيز الأهداف التي انبثقت منها القضية الحسينية، فيتوجب على الإنسان الحسيني وضع أهداف و غايات سامية يسعى لتحقيقها ، فمع تعلم القيم من القضية الحسينية، بات الحسينيون على علم بمدى تأثر الحالة النفسية بواقعة الطف وما تتمثل به من قيم عليا للشرف والعزة والإصرار على قول الحق وتحقيق الأهداف وحماية الدين والحفاظ عليه، لذا نشاهد تغير النفوس واطمئنانها وإيمانها الكامل بأن الله ينصر من سار و نهجه الحق ويجزيه بما قدمه فكانت هذه الشعائر من انجح هذه الوسائل لتعبئة الوعي الجمعي للمجتمع

المجتمع و عاشوراء

لشهر محرم أجواء روحانية خاصة لدى المسلمين و تأثيرات ايجابية تجعل مكامن التفكير في جوانب جديدة، كما أن استذكار عظمة المصيبة الحسينية تجعل من الشخص إعادة النظر في أسباب الضغوط النفسية مقارنة بالأهوال والمصائب التي رافقت تلك المرحلة، أن الإصرار الذي تمثل في شخصية الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه للوصول إلى أهدافهم غير مبالين بحجم التضحيات ستكون دافعا أساسيا في توجيه الأهداف والحفاظ عليها وخاصة عند مقارنة المدخلات ومخرجاتها.
كما حدثنا عن هذا الموضوع الرادود عبد الامير الاموي قائلا، "من خلال ممارسة الشعائر الحسينية التي تمثل مدرسة سيد الشهداء والتي هي النبع المتدفق للقيم السامية والتربوية التي تدل ألأجيال على الطريق الصحيح وترفع المستوى الأخلاقي للفرد، فهي تساعد الإنسان على التمسك بالخلاق الحميدة والمرغوبة بالمجتمع وعلى الالتزام بالقيم التربوية الاخلاقية الجيدة فان عاشوراء جامع للفضائل الكثيرة مثل الحكمة والرفق و التواضع والحلم والصبر وغيرها.

شعائر كربلائية

حينما بزغ شعاع الشعائر الحسينية تنفّست الحياة واستيقظت من ظلام الجور والظلم والاعوجاج. فقافلة الحسين (ع) حينما تحركت سار الحق والصدق وأصالة الحياة في منابعه التي جففها الظالمين أعداء الله آنذاك.
و كما حدثنا المؤرخ سعيد رشيد زميزم قائلا، إن "لإهل العراق الدور الكبير في ديمومة هذه الشعائر كما ذكرت المصادر أن الإمام الصادق (ع) كان يستدعي منشدا الان يسمى ( الرادود) ويدعى أبا هارون المكفوف وكان ضريرا و يملك صوتا شجيا فقال له أنشدني كما ينشد أهل العراق ،وكما اجتهد المحبين في هذه الشعائر مثل أقامة الشبية و عزاء ضرب الزنجيل و غيرها  من الأمور.
وأضاف، ان "الشعائر الحسينية في كربلاء تمثلت بارتداء اللباس الأسود، فهي فترة حداد على الإمام حسين،في هذه الفترة تقام المجالس في الحسينيّات أو في المنازل، حيث يتلى الشعر عن الإمام الحسين وأخوته وأولاده وأصحابه (ع) ، تتلى عليهم دروس في الدين والأخلاق والقيم الإسلاميّة ومحاضرات توعية وإرشاد ، تسرد السيرة الحسينيّة أو قصّة كربلاء، وتنهى المجالس يوميًا بالدعاء إلى الإمام المهدي لتعجيل فرجه، وبالدعاء لقضاء حوائج الموجودين في المجلس،في اليوم العاشر، يوم استشهاد الإمام الحسين (ع)، تقام المسيرات التي تمثّل عمليّة سبي النساء، فيبكي عليه وعلى أصحابه وأولاده وأخوته، علمًا أن المشي في هذه المسيرات تعدّ من الفضائل، ويلقى المشارك فيها الثواب، فهو يتيمنّ بالسيّدة زينب وأهل البيت(ع) وبعد انتهاء المسيرات تفتح البيوت لكلّ الناس وتقام مأدبة طعام على حبّ الإمام.​ 

عادات وتقاليد كربلائية

العادات والتقاليد هي غرس القيم في النفوس ، وخصوصا القيم النبيلة التي ينبغي أن يتم غرسها في قلوب ونفوس وأذهان وشخصيات الصغار و الكبار، حتى يتعلموا تقدم الخدمات الطوعية بلا مقابل، فهناك مجتمعات كبيرة تمكنت أن تحقق نتائج مهمة على طريق التقدم من خلال نشر وترويج وتثبيت القيم النبيلة في نفوس الشعب، وقد كانت التقاليد الحسينية في كربلاء ذو طابع خدمي و توعوي و إرشادي.
وعن هذا الموضوع أوضح المؤرخ سعيد زميزم بان ،التقاليد كانت سابقا بسيطة حيث يتجمع أبناء المحلة كما تعلمون إن كربلاء تحتوي على ثمان محلات (العباسية الشرقية –العباسية الغربية- باب السلالمة - باب الخان – باب الطاك - المخيم - باب النجف - باب ألعلوه ) تنصب التكيات والتي تكون على شكل درج من الخشب تعرض عليه اللالات والتحفيات والهدايا التي تقدم الى المواكب حيث يتجمع قربها المعزين ويقسمون بشكل مجاميع ويسيرون الى حرم الإمام الحسين وهناك يلقى الشعر و الرثاء والتحدث عن شجاعة وبسالة الإمام الحسين وحجم التضحيات التي قدمها .
وتابع الى ، ان "هذه العادات كانت لها دور كبير في تقويم سلوكيات الإنسان والتأثير بالوعي الجمعي و إشار زميزم الى، "توزّع المياه بكثرة، في الخيام والبيوت والمجالس، موضحا ان للمياه مدلولٌا تاريخيٌا، فهي مُنعت عن الحسين وأهله وأصحابه من جيش يزيد بن معاوية الذي حاصرهم لمدّة عشرة أيّام.إضافة إلى المياه، يقدّم الطعام".
و اوضح، ان "هذه التقاليد تعد احد وسائل  الوعي الجمعي يتم من خلالها الحث على التكافل الاجتماعي وتذليل الفوارق الطبقية بين افراد المجتمع  ومحاربة الكراهية  زرع صفات الكرم بسلوكيات الأطفال وتعويدهم على العطاء وكذلك نشر ثقافتنا الى الدول الأخرى من خلال هذه التقاليد . 

زينب قدوتي

وكانت المرأة الكربلائية و المسلمة على وجه العموم قد اتخذت من السيدة زينب (ع) مثالها الأعلى في الصبر و الشجاعة و التضحية و موءا زرتها لأخيها الإمام الحسين  وجمع شتات عيال الإمام  وقيادة النساء في المخيم بعد استشهاد جميع الرجال فكانت الصوت المدوي للتضحية الحسينية الذي خلدها على مر العصور.
وفي يومنا هذا قامت النساء بتقديم كافة الخدمات إلى الزائرين من خلال أعداد الطعام وإقامة مجالس العزاء وتربية أولادهم على مبادئ أهل البيت الأطهار .
ووقفنا قليلا لتحدثنا  ام مرتضى عن خدمتها لزوار الحسين (ع) والبركات التي لمستها حيث تقول كنت املك بيت صغير وكان مفتوحا في زيارة الأربعين للزائرين للراحة وأداء فريضة الظهيرة مع تقديم وجبة الغداء وبالرغم من صغر مساحة المنزل لكنه كان يتسع لعشرات الزائرين وكانت دعوات الزائرين إن يوسع الله عليك دارك ولم أكن اصدق أن املك منزلا كبيرا ولكن شاءت الظروف وبوقت قصير ان امتلك بيتا كبيرا ضعف مساحة البيت الصغير وهذا ببركات ودعاء الزائرين وما زلت متواصلة انا وأولادي بخدمة زوار أبي عبد الله(ع) وقد علمت أولادي بان الحسين (ع )؛مات شهيدا لكن مبادئ الثورة الحسينية باقية ويجب ان يتعلموا عدم الرضوخ إمام الظلم وان يحب الأخ أخيه ويؤازره في إعلاء كلمة الحق كما فعل أبا الفضل العباس (ع) في مساندة أخيه الإمام الحسين (ع) وان تتحلى المرأة الصبر والعزيمة والإصرار في تحدي الصعاب وضغوطات الحياة.
موقع كربلاء الاخباري

تصوير/ ذياب الخزاعي
تحرير/ حسين النصراوي