الأخبار والنشاطات

مركز كربلاء للأطراف الصناعية..جهود استثنائية لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة

مركز كربلاء  للأطراف الصناعية..جهود استثنائية لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة
تم النشر في 2023/05/28 10:36 2K مشاهدة

كان يسحب كم ثوبها كلما تواجدنا في مكان عام ويهرول مسرعا  لإخفاء كف يدها المعاق بين الحضور ان كنت لا اجلس بمحاذاته و دائما ما يردد جملته (غطي ايدها) وحينما بلغت ابنتنا ملاك الثالثة من عمرها كان يوبخها ان ظهر للعيان ذراعها الذي لا يحمل كفا صغيرا بحجم قلبها.
هذا ما سردته لنا ام ملاك عن طفلتها التي ولدت بذراع صغير خال من الكف لا احد يختار لنفسه او للآخرين مصيرا مماثلا فقد شاءت ارادة الله ان تولد وهي تحمل هذا التشوه الوراثي لتكون من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ألم الفقد والمواجهة
ان اصعب ما يمر به الانسان هو فقدانه لاحد اطرافه اذ يصبح شخصا ناقصا بنظر البعض متناسيا ان الاعاقة تكمن بالفكر وليس بالبدن وان إعاقة الأجساد لا تعني صدأ العقول، فحينما تنتصر الارادة على الم الفقد تجعل من المرء شخصا قويا يتصالح مع نفسه لمواصلة حياته دون التفكير بالانطواء او حتى الانتحار، الامر الذي يقوده الى زيارة مراكز مختصة  للمعالجة سواء كانت نفسية او تركيب طرف صناعي بديل يشعره بالثقة اكثر دون اللجوء الى مساند خاصة او طلب مساعدة الاخرين.
سلط (موقع كربلاء الاخباري ) الضوء على هذه الشريحة وكيفية تغلبها على ألم الفقد وتكيفها مع المجتمع:
حدثتنا ام ملاك قائلة: لم اعلم ان عائلة زوجي يحملون مرضا وراثيا يصل حتى الى الشلل الرباعي الا بعد ولادة  ابنتي وقد كانت اقل تشوها بين افراد العائلة من الاحفاد وبعد تراجع صحة ابنتي النفسية واجهت زوجي بكل ما اوتيت من قوة لأزور مركزا لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة لانتشالها من حالة الانطواء التي اصابتها والحصول على طرف صناعي يساعدها في ممارسة حياتها بشكل طبيعي دون الشعور بالنقص.
وتابعت، ومن الامور الايجابية التي سعدت بها هو وجود وحدة خاصة للاستشارة النفسية حيث تبنت حالة ابنتي ، كما حصلت انا شخصيا على جلسة خاصة تتمخض حول  طرق التعامل مع زوجي لجعله يتقبل وضع ابنتنا  دون ممارسة الضغط عليها واشعارها بالنقص والخجل منها.
ختمت حديثها، كانت البداية صعبة جدا الا اني قطعت نصف المسافة في العلاج الى الان.
الجانب التربوي
من جانب اخر قالت ام شهد، ابنتي تعاني من بتر ولادي وبعد علاجها وتركيب طرف صناعي لها بدأت تمارس حياتها بشكل طبيعي غير ان قسوة المجتمع حالت دون تحقيق طموحها في التعليم حيث رفضت جميع المدارس تسجيلها، حتى بعد استعانتي بالجهات المعنية لم احصل على موافقة بذلك، كما لم تكن ابنتي تعاني من المشكلة ذاتها بل وجدت حالات مماثلة كثيرة وهذا اجحاف كبير في حق ابنائنا.
بينما ارتسمت ابتسامة عريضة على محيى الحاج ابو سيف لكونه حصل على طرف صناعي متكامل رغم وزنه الذي بلغ ( 150) كغم، حيث كان يخشى ان الامر سيكون صعبا عليه ويبقى حبيس الكرسي المتحرك ولكن بجهود المركز والمختصين وبقوة ارادته استطاع التغلب على مخاوفه وهو يمارس حياته الان بكل اريحية بعد تركيب الطرف. 
وحدة الاستشارية النفسية
واثناء جولتنا للتقصي عن مواجهة هذه الشريحة للمجتمع كانت لنا زيارة  لمركز المعاقين والاطراف الصناعية في مدينة كربلاء المقدسة، ولقاء مدربة المهارات الحياتيه للاطفال ندى شاكر حدثتنا قائلة:
يقتصر عملنا على تبني بعض الحالات النفسية التي ترد الى المركز من المصابين  بين معاينة ومتابعة المصاب قبل واثناء وبعد تركيب الطرف الصناعي وكتابة وتقديم تقرير مفصل بحالة كل مريض الى إدارة المركز ومعالجته بالعلاج التحاوري او معاينة من الطبيب النفسي في المركز ان لزم الامر و ذلك بعد موافقته.
مضيفة، ان اكثر من يلتحق بالمركز يكون صاحب ارادة قوية وارى ان اغلب الاهالي بمرتبة الجهاد بهذا الجانب فليس من السهل نقل الشخص المصاب الى المركز والاستمرار بالجلسات العلاجية 
غير اننا نعاني من عنصرية مقيتة بهذا الجانب حيث يفصلون كل اصابة من ذوي الاحتياجات الخاصة بعالمهم المنفرد ولا يحق له الاندماج مع الاخرين فيكونوا عرضة للتنمر او نظرات الشفقة او الاشمئزاز.
واكثر ما يردنا رفض القطاع التربوي باستقبالهم في المدارس العامة او مدارس التربية الخاصة وبهذا الرفض نحن نخلق جيلا ليس فقط معاقا جسديا على حد قولهم بل معاقا ذهنيا بالجهل حيث وصلت نسبة الاطفال غير المسجلين الى 90%.
ومن هنا اناشد الجهات المعنية بالالتفات الى هذا الجانب المهم وتبني هذا الموضوع بشكل خاص ليحق لأطفالنا من ذوي الاحتياجات الخاصة الالتحاق بالمدرسة وممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
كما تعتقد شاكر ان رفض استقبال ادارة المدرسة لهكذا حالات يعول على تخوفهم من تحمل المسؤولية اتجاه الطفل لكونه حالة خاصة متناسين ان من الممكن ان يتعرض اي تلميذ الى حادث اثناء تواجده في مدرسته كالوقوع او الشجار مع زملائه لذا ارى ان مخاوفهم في غير محلها.
وختمت حديثها، انه وبحكم عملي التقيت بالعديد من الحالات والقصص التي لا يسع للمقام ذكرها غير ان المركز يبذل كل ما بوسعه لتقديم العون للجميع من خلال المعاينة النفسية والطبية.

خدمات المركز
وللتعرف على ما يقدمه المركز من خدمات لهذه الشريحة كان لنا لقاء مع مدير المركز الدكتور اسعد عبد المهدي العبايجي اختصاصي امراض مفاصل وتأهيل طبي استهل حديثه قائلا: 
تأسس مركز تأهيل المعاقين عام (2009) وبعدها تم افتتاح مركز جعفر الطيار لتصنيع الاطراف الصناعية عام (2014) بمساهمة من الصليب الاحمر ، ثم  بدء المشروع بالتطور تدريجيا وفق ما يخدم المرضى ونحن الان في صدد انشاء ورش اولية خاصة في مستشفى الامام الحسن المجتبى( ع) التعليمي الواقعة في قضاء الحر وفي قضاء طويريج وهما قيد التنفيذ تكون مخصصة للصيانة والادامة الدورية حيث لدينا خطة استتراتيجية في توسعتها لحصول المواطن على كافة الخدمات من خلالها دون اللجوء الى مراجعة المركز الرئيسي في المستقبل. 
اجراءات التقديم 
تشمل اجراءات التقديم للحصول على طرف صناعي او اكثر ان يكون المراجع من سكنة محافظة كربلاء المقدسة حصرا مع احضار مستمسكات اصولية تثبت ذلك، وهناك حالات استثنائية  ولكن بقرار وزاري حصرا ان كان من مدينة اخرى. 
كما يمكن ان يحصل المريض على اكثر من طرف وفق احتياجه وذلك بعد التشخيص من اللجنة الطبية وتوزع جميع الاطراف مجانا اذ يصرف بسعر بطاقة المعاينة ( الباص) بسعر (3000) الاف دينار .
اذ تبدأ الاجراءات بفتح ملف خاص للمريض ويسلم بطاقة تعريفية(هوية) خاصة صادرة من المركز للمعاينة  والعلاج و الادامة او استبدال طرف ان تطلب الامر ذلك، وتكون نافذة طوال حياته دون وقت محدد لانتهاء صلاحيتها.
كما ترد للمركز حالات مرضى اجروا تركيب طرف خارج البلاد او مدن اخرى اذ يتكفل المركز بفتح ملف خاص لهم وتقديم الخدمات المطلوبة.
ونادرا جدا ما يتعرض المريض لأمراض جلدية بسبب الطرف الصناعي ويكون ذلك بسبب رداءة المواد المستخدمة في صناعة الطرف .
هذا وقد اهتمت الوزارة في القوات الامنية وشريحة الشباب في ان تكون الاولوية لهم في تجهيزهم بطرف صناعي عن الشرائح الاخرى.
وحول معوقات العمل قال مدير المركز: روتين اجراء معاملة تسليم الطرف وفق قوانين الوزارة وما يترتب عليها اكثر ما يعيق عملنا.
مصنع جعفر الطيار للأطراف الصناعية 
وحول مصنع الاطراف الصناعية قال العبايجي:
يرتبط مركز التأهيل بمصنع جعفر الطيار للأطراف الصناعية حيث يتم استيراد المواد الاولية الخام من المانيا وتتنوع الاطراف 
المقدمة بحسب حالة المريض، فضلا عن توفر الاطراف الذكية وعجلات النقل (الكراسي) بينها الكهربائية للحالات الحرجة اذ يتراوح تسليم من (30) الى (50) كرسيا شهريا.
كما يصل عدد المراجعين في الشهر الى( 1200 ) مراجع موزعين بين صيانة ومراجعة وتسليم طرف وعلاج طبيعي. وهناك تعاون متواصل مع المؤسسات الصحية الاخرى لغرض الاستشارة واجراءات الجراحة ان لزم الامر.
وحدات تدريبية
اكد الدكتور اسعد على انسيابية العمل وتسهيل مهامه بدون انتظار لفترات طويلة فقط مدة التصنيع واكمال اجراءات معاملة التقديم وذلك بعد بذل جهود مضاعفه من قبل الكوادر للوصول الى هذه المرحلة.
هذا وقد وفر المركز وحدات تدريبية مختصة على ارتداء الطرف واستخدامه وتركيبه تصل الى شهرين او ثلاثة اشهر،  كما يمكن ان يخضع المريض الى جراحة معينة وذلك بتعاون مشترك بين طبيب مختص لتسهيل تركيب الطرف. 
واحيانا يتعرض المريض الى حالة انهيار نفسي وهنا تتبنى وحدة الاستشارة النفسية متابعته ليتجاوز حالة الرفض او اليأس او عدم التعاون التي تصيبه اثناء فترة المعالجة. 
منفذ البيولوجي
وكشف العبايجي، عن تجهيز  منفذ بيولوجي سيفتح قريبا في مستشفى الحسن المجتبى (ع ) التعليمي للأمراض الروماتيزمية والمناعية وفق مقترح قدمه قبل عدة سنوات حيث نال الموافقة مؤخرا على افتتاحه.
ويعد الروماتيزم من الحالات المرضية المزمنة التي يصعب علاجها نهائيا لكن توجد وسائل علاجية مختلفة للسيطرة على الأعراض ومن بينها العلاج البيولوجي، حيث كان يتم تحويل المريض الى مدينة بابل لأخذ جرعة العلاج والتي هي عبارة عن (حقنة ) كل اسبوع يصل سعرها الى مليون دينار . 
كربلاء بلا عوق
وفي الختام قال الدكتور اسعد،  بانه يسعى بجهود استثنائية ان تكون مدينة كربلاء المقدسة بدون عوق من خلال تجهيز المركز بما يناسب حاجة ابناء المدينة حيث حصل على موافقة بتوسعة المركز لاستيعاب اعداد اكبر من المراجعين كما قدم دراسة مشروع متكامل بإنشاء مركز خاص  يتألف من خمسة طوابق مجهز بأحدث التقنيات بين وحدات للعلاج الطبيعي والاستشارة النفسية والعلاجية  ومصنع للأطراف مع ملحقاته كمختبر وصيدلية ووحدة الاشعة وطابق خاص للمنفذ البيولوجي. 
فضلا عن، تأسيس قاعة للاجتماعات الخاصة بمنتسبين المركز لتقديم المحاضرات والتدريب  وذلك لتطوير الكادر مهنيًا وعمليًا وقد حصل على موافقة  للبدء بإنشائه بعد اقرار الموازنة المالية. 
كما ناشد العبايجي على ضرورة وضع خطة استراتيجية لاستئصال مشكلة الزخم في تقسيم المرضى بحسب الرقعة الجغرافية لمحل سكناهم  وهذه الخطوة مهمة جدا لتسهيل مرحلة العلاج على المريض.
موقع كربلاء الاخباري
تحقيق/ زهراء جبار الكناني