الأخبار والنشاطات

الغش ظاهرة اجتماعية لعادة مقيتة

الغش ظاهرة اجتماعية لعادة مقيتة
تم النشر في 2023/05/09 09:05 405 مشاهدة

تستشري ظاهرة الغش كالنار في الهشيم في مختلف مفاصل الحياة سواء المهنية أو التعليمية أو الطبية وغيرها، ولأننا امام عادة لا امل في استئصالها جذريا تسعى الجهات المعنية الى تحجيمها وفق ما يترتب عليها كما ان  للجانب التربوي والاخلاقي دورا مهما في هذا الامر حيث محاسبة النفس والرقابة الذاتية من السبل الناجعة للتخلص من هذه العادة المقيتة.
بهذا الجانب اجرى (موقع كربلاء الاخباري)  الاستطلاع التالي

الغش الاجتماعي
من ابشع انواع الغش هو الغش الاجتماعي خصوصا حينما يتخلل الموضوع ترابط اسري في زيجة ما، فالعديد من الاشخاص يخفون حقيقة شخص ما وذلك خوفا من (انقطاع النصيب) على حد قولهم او لربما يتغير او تتغير بعد الزواج  سوى ان كان الامر يخص رجلا او امرأة متناسين انهم يتسببون بدمار كيان اجتماعي. 
تسرد لنا الحاجة ام ستار تجربتها بهذا الجانب قائلة: حينما تقدم شاب لخطبة ابنتي سعى زوجي بالسؤال عنه في مكان عمله والجيران غير ان  ما قالوه عنه كان العكس تماما حيث بدأت طباعه السيئة تظهر بعد الزواج حتى انتهى زواج ابنتي بالطلاق بعد ان اثمرت تلك الزيجة بطفل كان هو الضحية. 

الغش التجاري 
ويرى المحامي علي اسعد جبارة ان القانون وضع عقوبات مناسبة للحد من  هذا الامر غير ان البعض يتملص منه وفق ثغرات يطول شرحها.
واضاف قائلا: ان الغش مقرون بسوء النية وقصد الإضرار بالآخرين وله انواع كالغش في الزواج والنصيحة والغش في الرعية والغش في الامتحان، وهناك الغش التجاري الذي يكمن في تغيير جوهر أو كمية الشيء المصرح به عن طريق الخداع أو التزييف أو التدليس بطريقة مخالفة للقانون أو الأعراف المهنية والتجارية. 
حيث يتمثل في إخفاء العيب في السلعة المباعة، وإخفاء مصدرها، والغش في وزنها وصفاتها الجوهرية ومميزاتها وكميتها وعناصرها.
وايضا هناك الغش الضريبي وهو عمل غير قانوني يؤدي إلى التهرب من الالتزام الضريبي . 
الغش التربوي 
تعترف (ع.س) بانها استخدمت في احدى مراحلها الدراسية لصوصية الغش المقيتة لاضطرارها فهو لم يكن اسلوبها حيث كانت تشعر بتأنيب الضمير وهي تسترق النظر لمجهود زميلتها حتى انتهى الامر بكشفها وحرمانها من اكمال عامها الدراسي واصبح ما اقترفته بلحظة ضعف وصمة في مسيرتها التربوية ودرسا تعلمت منه الحرص على ان لا تكرر ما فعلته مهما كان الثمن. 

الغش خيانة
ويصف التدريسي تركي خادم  مدير مدرسة الروان الابتدائية المختلطة في ناحية الكمالية بمدينة كربلاء المقدسة الغش بأنه شكل من اشكال الخيانة حيث يتعارض مع الامانة والتي هي من الفضائل الإنسانية التي تسعى الفلسفة التربوية إلى تحقيقها لدى الطلبة، ورغم خطورة هذه الظاهرة إلا أنها لم تحظ بمعالجة كافية وذلك يعود الى بعض ضعاف النفوس في تسريب الاسئلة او بعض الطرق الملتوية  وهذا الامر يؤدي بانهيار حضاري سريع، فالتعليم هو عماد نهضة الأمم والشعوب فإن صلح، صلح المجتمع وارتقى.
وعلى الرغم من كل وسائل الغش التربوي التي تمارس في القاعات الامتحانية حرصت وزارة التربية على التشدد بهذا الجانب ومتابعته ميدانيا وبدورنا ايضا كان لنا قرار حاسم ممن نرصده يمارس هذه العادة المقيتة.

رؤية شرعية
وشاركنا الشيخ عقيل الحمداني قائلا: 
لقد حرمت الشريعة الإسلامية  الغش وقد ورد ذمٌ كثير في النصوص الشريفة للغشوش مثل قوله عليه السلام: "الغشوش لسانه حلو وقلبه مرّ"و"شرّ الناس من يغشّ الناس"و"الغش من أخلاق اللئام" لذلك فإن الرسالة المباركة التي جاء بها الإسلام وحوت التعاليم العليا من شمائل الأخلاق تأبى أن ينتسب إليها انتساباً عملياً من استحل أن يغش أخاه أو يضرّه، وقد جاء بنفس هذا اللسان طائفة كبيرة من الأخبار. 
والمؤمنون هم أهل النصح والوفاء والإخلاص، لا يحدّهم في ذلك زمان ولا مكان ولا عرق ولا عائلة، حيث لا يرتضون الضرر بعضهم لبعض وإنما يحرصون على دفعه وجلب المنافع لإخوانهم. 
واضاف: يكون الغش على أنواع عديدة ودرجات مختلفة، يتفاوت في قبحه بحسب الشيء الذي يتعلق به، وأكثر ما هو شائع بين الناس يعود إلى الأمور المالية وعالم التجارة والمكاسب، وهو الذي كان من الصدر الأول للإسلام، لكن الغش الأفظع والأعظم ويشكل خطورة بالغة هو الغش في الدين وفي مسائل تعتبر أساساً في حياة الأمة، وتتصل بأشخاص لهم مكانة ودور في نظام البلاد وشؤون العباد.
وهذا الذي أراد أمير المؤمنين (عليه السلام) التنبيه إليه كما جاء في عهده إلى بعض عمّاله حيث يقول عليه السلام: "إن أعظم الخيانة خيانة الأمة، وأفظع الغش غش الائمة" فالمسؤول أو الرئيس في قومه غشّه أشدّ قبحاً وأكثر بشاعةً من غيره.

معالجة الغش 
فيما قالت الدكتورة راقية عباس خضير اختصاصية علم النفس :
تعتبر ظاهرة الغش قضية في المقام الأول داخل أي منظومة مجتمعية، ويعزي ذلك الى  ارتباط ظاهرة الغش أو سلوك الغش بشكل متقاطع ومباشر في منظومة القيم النبيلة والرئيسية التي ترسم تضاريس التقدم والبناء داخل أي مجتمع، إن المتأمل في واقع الكثير من الناس وفي وقتنا الحاضر ليجد أنهم يمارسون صوراً من الغش في جميع شؤون حياتهم.  
سواء في المجال السياسي والصناعي والتجاري والتربوي والتعليمي والصحي وهو إحدى الظواهر المُنحرِفة والتي تظهر في المُجتمَع وهي تدلُّ على الخروج عن قِيَم ومعايير الشرع ممّا يترك أثراً سلبيّاً على مظاهر الحياة الاجتماعيّة، ومهما تنوعت اساليبه كلها أعمال مرفوضة اجتماعيا وأخلاقيا ومحرمة دينيا على أي نحو.
واضافت: وقد اهتم الشرع ببيان أضرار مثل هذه السلوكيات المنحرفة ومحاربتها، مُحذراً من اتخاذها سبيلاً ينال بها الإنسان حقاً ليس له، أو لإشاعة الفساد بين الناس، وأكل أموالهم بالباطل، فهو خيانة لها آثار ضارة تَطَال الفرد نفسه اذ تجعل صاحبها في خسارة في الدنيا والآخرة، علاوة على التعاسة النفسية التي يعانيها، حيث يعيش بين الخوف من الجُرم الذي فعله ويفعله والعذاب الذي ينتظره، كما يشعر أن ما حصل عليه من مال وجاهٍ ليس بجهد المخلص الأمين، إنما جاء بخيانة وغش. 
كما أن ظاهرة الغش في الامتحان موجودة  داخل جميع المؤسسات التعليمية، بما فيها المؤسسات الدينية وبشكل فردي وجماعي، ولدى الصغار والكبار والذكور والإناث.
والحقيقة أن انتشار ظاهرة الغش التعليمي في مؤسساتنا التربوية كافة، لا يعني أن الطالب هو المسؤول الوحيد عن هذه الظاهرة وتفشيها، فالغش لا يظهر فجأة و إنما تراكم خبرات وتشجيع أو تساهل من جهة أو أكثر كالأقران وولي الأمر والمعلم وغيرهم. 
وللغش التربوي والتعليمي خطورة على مناحي الحياة كافة، سواء على مستوى الفرد أو مستوى الجماعة، وعلى مستوى إدارة الدولة، حيث إن الفرد الذي يمارس الغش في الامتحانات قد يجد نفسه يمارس الغش في النشاطات الاجتماعية والوظيفية والإدارية الأخرى، ويعلم الآخرين ويساعدهم على ارتكابه، وكأنه فعل عادي غير مستهجن، بينما هو جريمة بحق التربية والتعليم والمجتمع.

اسباب الغش
وحول الاسباب التي تقود لممارسة الغش تابعت : تتعدد اسباب الغش مثل عدم الثقة بالنفس، والتأثر بالآخرين وضعف الشخصية والكسل وضغط الأهل والخداع والخوف من الفشل وعدم التربية الصحيحة، وضعف الإيمان ووسوسة الشيطان. 
ومن اضراره يوصل الإنسان إلى حرمان إجابة دعائه والبعد عن الله سبحانه وتعالى ودليل على نقص إيمانه، وحرمان البركة في المال والعمر. 
كما يترك اثارا وخيمة مثل ارتكاب المعاصي والمخالفات المنافية للعادات والتقاليد والدين، مثل السرقة والخداع والكذب والشهادة المزورة وعدم الإخلاص وترك التوكل على الله سبحانه وتعالى. 

علاج الغش
وحول علاج هذه العادة المقيتة ختمت حديثها: التذكير بعقاب الغش ومضاره وآثاره وتعزيز الصلة بالله عز وجل، التربية الصحيحة الآتية من الأسرة التي تقوم على مبادئ الإسلام ومحاربة الغش والقضاء عليه بشكل كامل و إخلاص النية في العمل، والتوعية بالإضافة إلى تعديل سلوكيات الأفراد غير السوية، وتوجيههم إلى الطريق الصحيح.
موقع كربلاء الاخباري
تحقيق وتحرير/ زهراء جبار الكناني