الأخبار والنشاطات

السجل الشهري للديون... اوراق تحرج البائع والمواطنين

السجل الشهري للديون... اوراق تحرج البائع والمواطنين
تم النشر في 2023/01/03 10:10 2K مشاهدة

(الدين ممنوع والعتب والزعل مرفوع) جملة وضعت على واجهة أحد المحال التجارية للتسوق المنزلي القريبة من الأحياء السكنية دفعتنا للحديث مع صاحب الأسواق لينقل لنا معاناته مع سجل الديون الشهري قائلا: وضعت هذه الجملة لتفادي أي إحراج بخصوص أن يبتاع أي شخص من الجيران وأطراف الحي بالدين لكون الأمر بدأ يتعبني  باسترجاع الديون حين تأخره عن التسديد آخر الشهر كما هو متفق فيما بيننا.
وما أثار امتعاضي اكثر وجعلني اضع هذه الجملة هو تهربهم من المرور حتى من امام باب المحل بل ذهابهم الى بيوتهم من طريق اخر خشية ملاقاتي او حتى تبرير تأخرهم بالدفع والاعتذار عن ذلك.

الاحتياج والتهرب
تنفرد بعض العوائل ذات الدخل المحدود بشراء حاجياتهم الضرورية والاساسية من الاسواق بـ(الدين) وتسديد ثمنها اخر الشهر او لحين توفر المال، غير ان البعض يتهرب من الاتفاق المبرم بين صاحب المحل وبينهم، كما لهذا التصرف تبعات تؤدي منها الى خسارة صاحب الاسواق او خسارة العمل نفسه اذا كان العامل بها أجير واحيانا عدم القبول بالبيع بهذه الطريقة يتسبب بالخصام.
استطلع موقع كربلاء الاخباري في جولة آراء الناس   حول هذا الموضوع.

نظام المقايضة
ابو فراس صاحب محل اسواق حدثنا قائلا: العديد من العوائل ذات  الدخل المحدود سوى الكربلائية او المدن الاخرى وحتى في البلدان العربية يستخدمون نظام البيع بالدين وذلك من خلال تدوين مشتريات العائلة في سجل خصص لذلك وليس فقط المواد الغذائية الجافة بل الامر يصل حتى الى بوتيكات الملابس والكوزمتك ومحال الفواكه والمفروشات والاجهزة الكهربائية وهذا النظام يساهم كثيرا في سد احتياجاتهم اليومية.
واضاف، ما نعانيه نحن اصحاب الاسواق وغيرنا من التجار هو تهرب البعض من تسديد ما يترتب عليهم من اقساط شهرية وهذا الامر يدخلنا في احراج فنحن ايضا لدينا مسؤوليات مترتبة  كدفع اجور العمال وفصل الارباح من رأس المال لشراء بضاعة جديدة وغيره،  لذا يجب ان يكون هناك تعاون بين البائع والمشتري فالطرفين بحاجة الى بعضهما لتيسير الامور الحياتية.
ختم حديثه: بسبب تقاعس العديد من الاشخاص جعلني اكون حريصا على ابتياع البضائع بالدين او التقسيط حتى أتأكد من مصداقيته وهناك من توقفت عن الابتياع له بسبب هذا الامر.
فقد اضطررت اخر مرة ان استخدم نظام المقايضة بقطعة ذهبية او رهن دراجة احدهم قسرا حتى يسدد ما في ذمته  بعدما تراكمت الديون عليه.

فيما قال علاء غانم: انا من الزبائن الدؤوبة لأسواق الطائي الواقعة في محلتنا حتى ان زوجتي تبتاع منهم والاولاد ايضا اذ تسد الاسواق حاجتي للكثير من المستلزمات ، وانا حريص جدا على تسديد فواتيري بدون اي تأخر كل شهر ولذلك لأمرين الاول لأنه ساعدني في وقت ضيقي ويجب ان ارد له المعروف بالإحسان وهذا حقه، فضلا عن كسب ثقته ان احتجته مرة اخرى.
بينما الحاجة ام عباس، اعتادت ان تشتري الخبز والخضار من البقال والخباز الذي بمحاذاة بيتها  لتسدد لهم اجورهم من كل راتب تقاعدي تتقاضاه، وترى ان التعامل بهذه الطريقة مع اصحاب المحال يسد احتياجاتها كما يساهم بفتح باب الرزق لهم وللآخرين.
  فاعل خير 
بينما لم يكشف الحاج ابو حسام صاحب مجمع للتسوق المنزلي عن هوية احد الاشخاص الذي اعتاد ان يحضر للتسوق منه كل نهاية شهر ليقوم بعدها بتسديد فواتير احد الزبائن لديه على ان يكون الشخص كاسب، سوى ان كان رجل مسن او امرأة او شاب بعدما يتقصى عنه من خلاله فهو يعرف تقريبا نصف المتبضعين في محلته على حد قوله.
قال لنا: ليتني وصف مشاعر الشخص الذي يقع عليه الاختيار في تسديد فواتيره دون علمه وانا اخبره ان من سدد عنك هو فاعل خير حيث ترتسم على محياه ابتسامة فاترة تملأ عيناه بالدموع وكأن الله بعث اليه من يحمل عن كاهله العبء ، فالحمد لله الذي ييسر عبدا من عباده لمساعدة الاخرين.
مسك الختام
ومسك ختامنا كان مع الباحثة الاجتماعية بتول ناصر حدثتنا قائلة: قديما والى الان ما يزال هنالك علاقة تجمع بين رب الاسرة وكل أفرادها بأصحاب المحال القريبة من البيوت السكنية  فالجميع يملكون صلاحية الشراء على السجل، وخاصة العائلات المحدودة الدخل التي تشتري اغراضها بالتقسيط حيث يكون سجل الديون المنقذ الموجود لدى جميع اصحاب المحال وكلما اشترى رب الاسرة او احد افرادها شيء سجله على الحساب والدفع نهاية الشهر، فلا ضرر في ذلك ان كان الشخص لا يتقاعس عن التسديد كما لا يوجد حكم شرعي يمنع هذا الامر. 
ختمت حديثها: ارى ان موضوع البيع بهذه الطريقة يقع تحت مسمى  الاخذ والعطاء أذ ينفع الطرفين وهو نوع من انواع التعاون التي تعد من التكافل الاجتماعي والذي يساهم بزرع بذور المودة والتآخي .
فمساعدة الاخرين منبع للخير في المجتمع وهي من سمات الطيبون وأصحاب الخلق العظيم، كما أنها عبادة يجزي الله عليها في الدنيا والآخرة وكان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ويرتاح الإنسان عندما يشعر بالعطاء والتعاون وبأهميته وقيمته في المجتمع.
موقع كربلاء الاخباري
تحقيق/ زهراء جبار الكناني