الأخبار والنشاطات

العادات الرمضانية المتوارثة لاتلغيها التحولات الاقتصادية والاجتماعية

العادات الرمضانية المتوارثة لاتلغيها التحولات الاقتصادية والاجتماعية
تم النشر في 2022/04/21 06:05 667 مشاهدة

محمد عبد زيد 
في هذه الأيام المباركة يقترب المسلمون من دخول العشرة الاواخر من شهر رمضان هذا الشهر الذي  أقبل علينا بالرحمة والمغفرة والبركة وشهر رمضان كما أخبرنا عنه نبينا محمد ( ص ) هو شهر عند الله أفضل الشهور وايامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات هو شهر دعينا فيه لضيافة الرحمن وجعلنا فيه من أهل كرامة الله أنفاسنا فيه تسبيح ونومنا فيه عبادة . ونظرا لقدسية شهر رمضان فإن جميع المسلمين يحرصون على أداء جميع الأعمال العبادية المتعلقة بالشهر الفضيل بما يضمن قبول صيامهم وطاعاتهم وغفران ذنوبهم . لكن مايلاحظ أن هناك عادات وتقاليد ارتبطت برمضان يغلب عليها الطابع الديني دأب الناس على ممارستها منذ مئات السنين وهذه العادات والتقاليد أصبحت بمرور الزمن من الطقوس الثابتة التي تعطي لشهر رمضان طعما ونكهة خاصة ولو تتبعنا الطريقة التي يستقبل فيها الناس شهر رمضان واستعداداتهم له من حيث توفير المواد الغذائية واختيار اكلاتهم المفضلة وكيفية قضاء نهار الصيام ولياليه وأهم العبادات التي يؤدونها لوجدناها شبه ثابتة وبدون تغيير يذكر على الرغم من التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي مر بها العراق . ولتسليط الضوء على هذه العادات المتوارثة قمنا  بجولة استطلاعية بين الصائمين .
الحاج أبو محمد قال : إن جميع المسلمين يعلمون بأن شهر رمضان هو شهر الطاعة والغفران وعليهم صيامه وقيامه والتصدق على الفقراء والورع عن محارم الله عز وجل وكذلك اجتناب كافة المفطرات . ولقد اعتاد الناس على الاستعداد المبكر لرمضان وذلك من خلال شراء المواد الغذائية من الأسواق التي تشهد انتعاشا واضحا وحركة واسعة خلال الأيام الأخيرة من شهر شعبان حيث تمتليء  المحال التجارية بمختلف المواد الغذائية التي تلبي احتياجات مائدة الإفطار العراقية . ويؤكد أبو محمد أن التهيؤ لشهر رمضان يعد من العادات التي ورثها عن آبائه والتي من بينها الصعود إلى سطوح المباني في نهاية شعبان في وقت الغروب لنتمكن من رؤية هلال شهر رمضان على الرغم من انتشار وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي التي تنقل الحدث حال وقوعه في جميع أنحاء العالم .
ويشير المواطن أبو علي إلى أن معظم أصحاب المقاهي مازالوا لا يغلقون محالهم خلال شهر رمضان وإنما يقومون بتحويلها إلى أماكن لبيع المعجنات والحلويات لاسيما الزلابية  والبقلاوة نظرا لكثرة الطلب عليها في رمضان كونها من الاكلات المفضلة لدى العراقيين على الرغم من التطور الحاصل في صناعة الحلويات والمعجنات ودخول أنواع جديدة للأسواق من مناشيء مختلفة . مشيرا إلى أن صينية الزلابية والبقلاوة هي الجائزة المفضلة لدى الفائزين بلعبة المحيبس الشهيرة التي مازال الصائمون يمارسونها في ليالي رمضان ويحرصون على المشاركة في هذه اللعبة الشعبية كونها جزء من الفلكلور العراقي متجاهلين الالعاب الاخرى لاسيما الالعاب الالكترونية 
وعن العادات القديمة المتوارثة والتي مازالت تحظى بقبول الصائمين هي تفضيلهم الاستيقاظ على صوت المسحراتي وإيقاع طبوله على صوت منبه الموبايل والساعة المنضدية التي لا يخلوا بيت من هذه الأجهزة . وقال الشاب حسنين علي انه وعلى الرغم من وجود جهاز موبايل وساعة منضدية في غرفته إلا أنه لا ينهض لتناول طعام السحور إلا إذا سمع صوت ( المسحرجي) معتقدا أن في ذلك متعة تفتح الشهية للطعام وتهيؤه نفسيا لأداء صلاة الصبح .
وتحدثت المعلمة أم مصطفى عن  الآثار الإيجابية الناتجة عن تمسك الناس بممارسة العادات الموروثة خلال شهر رمضان واوضحت أن شهر رمضان هو شهر اللمة العراقية حيث أنه الشهر الوحيد الذي يتجمع فيه جميع افراد العائلة حول مائدة طعام واحدة في وقت واحد عند الإفطار كما أنه يعد من أكثر الشهور الذي توصل فيه الارحام وتتبادل الأحاديث وجها لوجه بعيدا عن الانترنيت والفيس بوك . لافتة إلى أن عادة توزيع طعام الإفطار بين العوائل العراقية  هي عادة قديمة وتعد نوعا من أنواع التكافل الاجتماعي .
 فيما قال ستار محمد أن الناس اعتادوا على إقامة المجالس الحسينية خلال ليالي شهر رمضان في البيوت والمساجد والحسينيات للتعريف بأهمية الصيام وفوائده وكذلك التذكير بمناقب أهل البيت (ع) ودعوة الناس إلى الاقتداء بهم والسير على نهجهم كونهم معدن الرسالة المحمدية . مضيفا أن الناس اعتادوا أيضا على زيارة العتبات المقدسة في سامراء  وكربلاء والنجف في ليالي الجمعة  وفي ذكرى استشهاد الإمام علي (ع) وكذلك القيام بإحياء ليلة القدر  والتي يتم فيها حمل الطعام إلى بيوت الفقراء.
أما الموظف المتقاعد صالح مهدي فقد أكد لنا تشابه أجواء الأيام الأخيرة من شهر رمضان قبل ستين عاما مع أجواء هذه الأيام وان اختلفت في بعض تفاصيلها وقال إن الصائمين يبدأون بعد الانتهاء من أحياء ليلة القدر بالاستعداد لاستقبال عيد الفطر المبارك وهم فرحين مستبشرين فتنشط حركة الأسواق وتعج المحال التجارية بالبضائع وفي ذات الوقت يقوم أصحاب المقاهي والمطاعم بتهيئة محالهم وتتجه الناس لشواء (الكليجة) وتزدحم الحمامات ومحال الحلاقة وسط فرحة الأطفال بحصولهم على الهدايا والملابس الجديدة وامنياتهم بأن تكون جميع أيامهم أعيادا ليتمكنوا من جمع مبلغا كبيرا من العيديات التي يحصلون عليها من الأقارب والأصدقاء.