الأخبار والنشاطات

الجغرافية الشعرية

الجغرافية الشعرية
تم النشر في 2020/04/07 07:36 2K مشاهدة

فراس الأسدي


لا أحد يستطيع أن ينكر أنّ لكلّ اشتغال جغرافية خاصّة به تتعدّد من خلالها جميع تقسيمات ذلك الاشتغال والذي يحدّد نوعه وجنسه تبعاً لكلّ منطقة من مناطق العراق فإنّ للزراعة جغرافية وللتجارة جغرافية أُخرى وللصناعة والرياضة والسياسة بالإضافة إلى جغرافية الشعر فلو أخذنا مثالا عن الجغرافية الزراعية لوجدنا أنّ محافظة ديالى تشتهر بزراعة البرتقال ومحافظة البصرة تشتهر الأُخرى بزراعة التمور وتسمّى مدينة التمر فيما يزرع الجوز واللوز في شمال العراق وتشتهر به مدن أربيل والسليمانية وكركوك وهكذا فلا يمكن أن نقول إنّ مدينة كربلاء تشتهر بزراعته فلكلّ مدينة اختصاص وهذا يتّبع الجغرافية الزراعية لكلّ منها .

الحال مشابه كثيراً بالنسبة للأدب بصورة عامّة والشعر على وجه الخصوص وأخصّ الشعبي أو العامي منه فإنّ الجغرافية الشعرية هي من تحدّد شهرة كلّ محافظة بكتابة أي نوع من الشعر وهي من تبرز المحافظة هذه على تلك ومن خلالها يستطيع المتتبّع لمسيرة الأدب الشعبي أن يختار المحافظة وشهرتها بكتابة هذا البحر الشعري وتلك المحافظة وشهرتها بكتابة ذاك البحر الشعري الآخر مستثنياً الفروق الفردية بين شاعر وآخر في كلّ محافظة .

عندما نتحدّث عن الأبوذيّة ومقوّمات كتابتها يخطر إلى ذهنك مباشرة (الناصرية) وشعراء هذه المدينة الذين يتقنون كتابة هذا الفنّ الجميل بكلّ ما أُوتي من قوّة وعندما نتحدّث عن الدارمي فلا أحد يستطيع أن يستثني محافظة (الديوانية) هذه المدينة الجميلة وشهرة الشعراء فيها بكتابة هذا اللون الشعري وكذلك هو الحال بالنسبة للموّال (الزهيري) الذي نشأ في المدن الغربية من العراق وترعرع فيها ثمّ عُرفت به والجميع يعرف شهرة شعراء كربلاء والنجف بكتابة القصيدة المنبرية وأساليب كتابتها .

الجغرافية الشعرية حالها حال الجغرافيات الأُخرى فلكلّ محافظة دور في كتابة نوع معيّن من أنواع وأغراض وبحور الشعر ولكن إذا اشتهرت الناصرية بكتابة الأبوذيّة هذا لا يعني أنّ شعراء المحافظات الأُخرى لا يستطيعون كتابتها وكذلك الحال بالنسبة للقصيدة المنبرية التي يشتهر بكتابتها شعراء كربلاء والنجف ولكن هذا لا يعني أنّ شعراء المحافظات لا يستطيعون كتابتها ولكنّهم لا يبدعون بها كالكربلائيين والنجفيين