الأخبار والنشاطات

الأم .. المدرسة الاولى

الأم .. المدرسة الاولى
تم النشر في 2024/03/21 09:57 8K مشاهدة

كانت غافية على وسادتها وتغط بنوم عميق حين تساقطت خصلات  شعرها الابيض على خدها الذي رسم عليه الدهر خطوطا رفيعة لتحكي لنا عشرات القصص التي مرت بها هذه المرأة المسنة التي بلغت من العمر سبعين عاما.
 توقف قلبي لبرهة اعتقادا مني بتوقف نبضات قلبها عن الحياة فتوجستُ خيفة فأقتربتُ منها فسمعتُ بأنفاسها تسري بهدوء وسكينة فأغرورقتْ عيناي لا تستطيع مخيلتي الوصول بأن اعيش في دنيا ليست فيها أمي ، معلمتي الاولى .. التي علمتني بنبرات صوتها الدافئ بأنني اصبحت موجودة في عالم الوجود وبدأت تعلمني حروفا ثم كلمات قادتني لاخطو خطوات علمتني ان اسير فأسقط فتعاود تشجيعي ونظراتها تنبهني بأن السقوط لا يعني الهزيمة.
رأيتها تصبر وتكافح وتسهر ، واذا طرق طارق بابنا استقبلته بوجه بشوش وكانت كريمة .. تقول لنا اتركوا عشاءكم للضيف وننام ليلتنا بدون عشاء وبأن الضيف هو جالب للسعادة وللرزق وهدية الرحمن ... علمتني ان الصدق مُنجاتي وان الكذب يفقدني احترامي  بين الناس البستني حجاب العفة والتقوى ... وأخفصتْ من صوتي  وقالت صوتكِ عورة..
بنيتي التزمي بالسكينة والخلق  الجميل وتعلمي الصبر والعزيمة. وكوني سلاح ذو حدين قلب رحيم وجبل شامخ.
رحلت معلمتي ... وهوت مدرستي التي أحتضنتني ورحل طلابها الى مدارس الحياة .. ولم  يبقَ سوى اطلال لجدران تفوح منها عفة امي وصبرها على الأيام  اكملت رسالتها على احسن وجه رحلت عن عالمنا ومازالت كلماتها لها رنين وصدى في داخلي.. واصبحتُ اليوم انا المدرسة الممتدة لتلك المدرسة فقد تركت حروفا مضيئة تنير دربي وسرت على خطاها وبدأت رحلة الكفاح  بأن اكون اما صالحة تربي وتخرج للمجتمع رجالا ونساء صالحين ليتكاتفوا ويكونوا شعبا نبيلا علمتني  ان لا اهمل واجباتي اتجاه  عائلتي  واواضب على طقوس خاصة ومناسبات اضيف نكهة جميلة الى طعامي ليكون هنيئا  واجعل بيتي يشع نورا بالمحبة والألفة واتناقل حكايا الماضي لأولادي واعلمهم ما تعلمت منها من الصفات الجميلة كالصبر والإيثار  والألفة  وحسن الجوار،  اخرجتني من مدرستها امرأة  صالحة لمجتمع اكون فيه النواة الاساسية في تكوين الأسرة الصالحة والتي ستؤثر ايجابيا لافراد مجتمع ينتمون لهذه الاسرة.
فكوني .. ايتها المرأة مدرسة عريقة تمتد جذورها لمدارس امهاتنا الصالحات واكملي مسيرتهن ... لبناء مجتمع صالح.
موقع كربلاء الإخباري 
بقلم/ فاطمة صالح