الأخبار والنشاطات

الحراك المسرحي في كربلاء والتمرحلات الزمنية المرافقة له على الصعيدين الفكري والجمالي

الحراك المسرحي في كربلاء  والتمرحلات الزمنية المرافقة له على الصعيدين الفكري والجمالي
تم النشر في 2024/02/19 11:59 1K مشاهدة

الحديث عن الحركة المسرحية في كربلاء بحاجة الى صفحات فهي تاريخ مشوق بدأ منذ ثلاثينيات القرن الماضي، حيث شهدت مدينة كربلاء في عام 1917 عرض أول مسرحية تحدثت عن واقعة الطف ومن ثم توالت العروض بفترات زمنية متعاقبة ، فيمكن القول ان هذه الحركة شهدت مراحل زمنية مختلفة  على الصعيدين  الفكري والجمالي من خلال معطيات العروض المسرحية التي قدمت منذ النشأة الاولى لها وحتى ما بعد العام ٢٠٠٣ .

هذه التحولات الزمنية وما يتخللها من احداث مختلفة جميعها سنتعرف عليها من خلال تسليط الضوء على اهمية هذا الحراك في المحافظة واهم الشخصيات التي ساهمت بتميزه و اهم التغيرات التي طرأت عليه منذ نشأته الى يومنا هذا من خلال هذا التقرير .

 النشأة المسرحية

الباحث والمؤرشف المختص بالمسرح الكربلائي ، عبد الرزاق عبد الكريم، يحدثنا عن البداية الفطرية للمسرح في كربلاء قائلاً ، "إن المسرح في كربلاء يعد واحدًا من أقدم المسارح تجربة وعمقًا وتأليفًا، وقد بدأ فطريًا من قبل بعض الأشخاص الذين تأثروا  بشكل شخصي به "، مشيراً الى "البدايات والتي عرفت بمسرح البقال باشا قبل أن يعرف أصول المسرح والذي جاء من الغرب في الفترة العثمانية عام 1917".
ويضيف "لو دققنا النظر على البداية الفعلية للمسرح الحقيقي بعناصره الأولية فمن المؤكد سنشير الى ثلاثينات القرن الماضي حيث كانت تقدم مسرحيات بسيطة بطريقة عفوية اقرب الى النص الشفاهي الذي يمليه الأكثر خبرة في المجموعة".
ويتابع "ظلت الأعمال متواصلة وبشكل مستمر خلال نهايات وبدايات القرن العشرين والثلاثينات وصولاً الى مراحل الأربعينات والخمسينات التي شهدت تطوراً كبيراً من خلال توفر بعض الشروط الفنية كالإنارة والديكور الواقعي (الكلاسيكي) وبعض الإكسسوارآت بعد أن كانت الأعمال السابقة تقدم داخل البيوت وخلال المناسبات الاجتماعية والدينية". 

تأسيس أول فرقة 

ويشير عبد الكريم الى "الفترة التي تعد بداية لمخاض مسرحي جديد وذلك بتأسيس أول فرقة أهلية وبشكل رسمي وقانوني تحديدا في ١٩٧٠/٤/٢٤ تحت أسم (فرقة مسرح كربلاء الفني) "،لافتاً الى "اهمية هذه الخطوة وما شكلته من تقديم حقيقي  في العمل المسرحي كماً ونوعاً".
  ويؤكد على "دور الفرقة وما أخلقت من تأثير على موقف المجتمع من المسرح آنذاك من خلال استقطابها لنوعيات العروض التي تثير اهتمام الجمهور و تجسد كافة التطلعات الخيرة في هذه المدينة بصدق ". 
ويبين ، "ان الفرقة تمكنت كذلك من تقديم أعمال فنية متكاملة شكلاً ومضموناً رسمت إشارة رائدة اتحدت مع باقي الإشارات المضيئة على درب الفن العراقي الأصيل الذي يسعى آنذاك ببناء حركة مسرحية تساهم بوعي لترسيخ المفاهيم الفنية الأصيلة لدى المشاهدين". 

المتخصصون الاكاديميون

اما عن المتخصصين الاكاديميين في كربلاء ، فيبين لنا عبد الكريم مستذكراً فتره الستينات والتي تخرج في بدايتها الفنان ناصر الاشيقر من معهد الفنون الجميلة ليصبح بذلك المتخصص الاكاديمي الاول في كربلاء ، مشيراً الى اهم اعماله والتي كان اولها مسرحية بعنوان حفلة زواج توالت بعدها اعمال فنية بخطط أكاديمية جديدة وقدم خلال تلك الفترة مسرحيات عديدة اهمها (تأمر بيك ، عام الفيل ، جسر العدو ، ماكو شغل، اعداؤنا أو شايلوك اليهودي)".
 ويتابع عبد الكريم ، "بعدها التحق الفنان عزي الوهاب بمعهد الفنون الجميلة في بغداد ليتخرج منه سنة1961 ليكون ثاني طالب من كربلاء بعد الفنان ناصر الاشيقر ومن ثم تخرج الفنان الراحل نعمة أبو سبع سنة 1965م الذي شكل بؤرة جديدة من شعب المسرح من خلال مسرحية "لمن تقرع الطبول " لتربية كربلاء و مسرحية ( اللصوص، وسترة توصاه ، وراس الشليلة) واستمرت أعماله إلى إن توجت بميلاد مسرح فرقة كربلاء الفني في (24 /4 /1970)".
تجارب مختلفةً

 ويجد الفنان المسرحي علي العبادي، ان الحراك المسرحي في كربلاء ، مر بفترات زمنية اثمرت عنها تجارب مختلفة بعضها يشار لها بالبنان على الصعيدين المحلي والقطري والبعض الاخر لم يشكل اي تأثير حتى في حدود المحافظة نفسها".
ويضيف ، "ان الحديث عن التمرحل الزمني لهذا الحراك قد يكون صعباً قليلاً كون هناك فترات مختلفة بلغت أوجها في هذا المجال فبحسب ماتم نقله على لسان روادنا فان فترة السبعينات كانت من الفترات المهمة والمضيئة على صعيد العروض المسرحية ، حيث قدمت خلالها عروض مميزه و نشاطات كبيره ومهمة تبناها نخبة من فناني واكاديمي المحافظة ".
ويؤكد العبادي ، "ان لكل مرحلة زمنية اعمالاً وتجارب متجددة ومغايرة عن الفترات التي سبقتها ، مشيراً الى "فترة الألفينات ومارافقها من نجاحات وتحديداً مابعد العام ٢٠٠٣ الذي شهد الحراك المسرحي خلاله تقديم تجارب مسرحيه مهمة واكبت المتغيرات الثقافية الحاصلة بالمدينة وبالبلد بصوره عامة ".
ويشير الفنان المسرحي  الى، "فئة الشباب ودورهم الفعال  في انتعاش المسرح من خلال ماقدمو من تجارب مهمة كانت قريبة على احلام وتطلعات الانسان على الصعيد الفني برؤى  وافكار جديدة واكبت التطور الاجتماعي والثقافي والتكنولوجي".

 افتقار المسارح

 و يبين العبادي ، أهم المشاكل التي يعاني منها الفنان في كربلاء وهي صعوبة الحصول على اماكن خاصة مناسبة لإجراء التمارين بسبب افتقار المحافظة اليها او بالأحرى عدم امتلاكها للاماكن المخصصة (المسارح)".
ويؤكد على "ان ديمومة هذه الحركة الفنية تحتاج الى عدد من الوسائل اهمها وجود قاعات مسرحية بمواصفات عالمية تلبي طموحات العصر". 
ويختتم ، "هناك الكثير من  الافكار المتجددة لدى كل فنان كربلائي بانتظار تنفيذها على ارض الواقع في حال توفر كافة المقومات المساهمة بإنجاحها".

 الازاحة الجيلية

 ويرى الاستاذ خلدون المسعودي ، تدريسي في معهد الفنون الجميلة ،" ان الحراك المسرحي شهد خلال العشر سنوات الاخيرة تحولات كبيرة تمثلت بظهور عدد من الوجوه  الشابة من ممثلين ومخرجين وتقنيين ساهم ظهورهم بخلق تجارب مسرحية متنوعه". 
ويضيف ، "ان قضية الانتاج المسرحي والحركة الفنية بشكل عام تطبق قاعدة الازاحة الجيلية اي ان هناك اجيالاً فنية ومسرحية شابة بدأت تخطو خطوات جريئة في هذا المجال ، وهذا واضح من خلال النتاج الفني والمسرحي الذي جاء متناغماً مع تحولات العصر على مستوى الخطاب الفكري والثقافي فضلاً عن الاستفادة من عناصر التكنلوجيا والتقنيات الحديثة وعناصر التواصل بشتى انواعها ".
ويؤكد المسعودي ، على "اهمية الحركة المسرحية وماتشكلة من ركيزة حقيقية لتوجيه المجتمع باتت ملامحها واضحة من خلال ضرورة تواجد العروض المسرحية في كافة الفعاليات الفنية والثقافية وحتى المؤسسات الحكومية التي بدأت تشعر بحاجة لتقديم هذه العروض بغية اكمال جو المهرجان بتقديم خطاب انيق مثقف واعي لحجم المسؤولية يختلف عن بقية الخطابات الاخرى ( خطابات منصات الشعر ، منصات التوجية)".
 وفي الختام ، يمكننا الاستنتاج من كل ماذكر على كون الفن المسرحي من اهم الفنون الدرامية التي لها دور واضح في التعامل مع كافة الحالات الاجتماعية  بطابع حساس واسلوب بسيط قادر على مخاطبة  كافة طبقات المجتمع  لتحقيق تأثير إيجابي وخلق القدرة على تحفيز المشاعر والأحاسيس المختلفة لديهم .
موقع كربلاء الاخباري 
تقرير / مها الشمري