بيت وشجرة ،أم وطفل وأب بدون ملامح وهناك نهر قريب كان يعوم فوق سطحه طائر ما زال أثره عالقًا على الورقة فلم يتمكن من محوها بالممحاة بشكل جيد!
أنها تفاصيل رسمة لطفل في العاشرة من عمره في أحدى الورشات الإرشادية التنموية الخاصة بالطفولة، تقصينا عن تفاصيل الرسمة وما تعنيه من خلال والدة الطفل وأخصائية الطفولة أتضح ان البيت كان يعكس رغبة والدته في ان تبتاع بيتا صغيرا والشجرة هي الحديقة التي تحيط به, اما ملامح الاب الخفية كانت لوالده المتوفى الذي لم يره ابدا, وسبب محوه للطائر هو لخوفه من الطيور.
الفن وسيلة أتصال
يعد الفن وسيلة تواصل غير مباشرة نعبر من خلاله احيانا عما يجول في خواطرنا واحلامنا عبر الخطوط والالوان اذ ينقل هذا النشاط عواطف الشخص بطريقة اخرى تبدأ احيانا منذ الطفولة فلو انتبهنا الى اطفالنا نكتشف ان شخبطتهم وخطوطهم العشوائية تحمل رسالة هادفة غير مرئية, فالطفل فنان بالفطرة يملك لغة رسم تعبيرية يستطيع من خلالها مخاطبة الكبار دون تردد..
(موقع كربلاء الاخباري) يأخذنا في سياحة بين ثنايا دلالات رسوم الاطفال والوانها متلمسين معرفة سرها لأنها رسائل يجب علينا ترجمتها..
رسوم أمل وخوف
اثناء جولتنا في الورشة شاهدنا الطفلة نبأ احد عشر عاما، ترسم صورة بشعة لوجه رجل ذو انياب طويلة مرعبة كانت الرسمة صورة لأبيها الذي كان يعاملها بقسوة هي واخواتها وذلك لكرهه للفتيات والذي كان يعلنه على الملأ.
بينما كان الطفل كميل، يرسم لوحات تدل على العنف فكانت خطوطه متداخله بين اشخاص يتشاجرون وذلك يعكس الخلافات الاسرية بين ابيه وامه واخوته الكبار .
وهناك لوحات تدل على الامل فالطفلة رقية، رسمت سماعة جميلة بالوان زاهية فهي تحلم ان تصبح طبيبة.
بينما همام، كانت إيحاءات رسمته متداخلة تنذر بمستقبل مجهول اذ رسم دهليزا لونه بالأسود فبعد وفاة والديه بحادث سير امسى الطفل يتيم الابوين يقطن في بيت جده.
حدثتنا جدته قائلة: كان حفيدي همام كثير الانعزال بعد وفاة والديه حاولت جاهدة اخراجه من حالته الا اني عجزت وبعد زيارتي لمركز الارشاد الاسري لطلب المساعدة طلبوا مني احضاره الى المركز للمشاركة بورشة الرسم فكانت اغلب رسوماته توحي بالحزن والوحدة والخوف من المستقبل, وهذا سبب انعزاله عن المجتمع.
واضافت: بهذا النشاط استطاعت الاستشارية معرفة مخاوفة والعمل على كيفية جعله يتجاوزها, كما كان لحضوره في الورشة مشاركة فعالة ساعدته على الخروج من قوقعة الانعزال التي اعترته بعد حادثة ابويه.
التعبير بالرسم
ترى الفنانة نسرين غضبان محمد مختصة برسوم الأطفال:
أن الاطفال يميلون للتعبير بالرسوم اكثر من الكلام لانهم احيانا يخافون من الحديث لذلك يرسمون الاشياء او الاشخاص الذين بعالمهم, فالانفعالات المترجمة في مجموعة الخطوط العشوائية التي يرسمونها والتي يطلق عليها بعض الاباء شخبطات ولا يعطونها ادنى اهمية انما هي ايحاءات عن مشاعرهم خصوصا الطفل الذي يصيبه حالة انطواء مفاجئ او خوف او يستخدم الكذب لإخفاء حقيقة ما في كلامة.
وتابعت: كما هناك رسوم مبهمة لربما تنقل تجربة مر بها الطفل دون ان ينقلها لوالديه خوفا من مصارحتهم مثل الاعتداء بالضرب او التحرش اللا اخلاقي, فتكون رسومهم غير مفهومة الا انها تعكس انثيالاتهم النفسية للتجربة التي مروا بها وهنا على الابوين متابعة ابنائهم بشكل دؤوب لأخذ الحيطة والحذر ومعالجة المشكلة قبل تفاقمها ان وجدت.
ختمت حديثها: علينا الانتباه والاهتمام بهذا الجانب الموغل بالأسرار خلف رسومات اطفالنا, واعطائه اهمية أكبر لكونه يعزز النمو الاستكشافي والنفسي للطفل ويعكس شخصياتهم.
دلالات رسوم الأطفال
من جانب أخر شاركتنا استشارية الطفولة علياء الصافي ماجستير علم النفس التربوي قائلة:
يعد الرسم من الأنشطة المحببة للطفل إذ يتعلم الطفل الرسم من (الاسرة ، الروضة ، المدرسة) فهو ليس مجرد نشاط يمارسه وإنما هو تعبير عن ذاته ومشاعره، كما يعبر من خلاله عن الأمور التي يحبها والأمور التي يكرهها، فكل خربشة أو رسمة يرسمها لها معنى .
وأضافت: ان الطفل يقدم لنا من خلال اي رسمة تعبيرا عن ما في داخله من مشاعر اتجاه ما يلاقيه في حياته اليومية سوى داخل البيت او خارجه، لهذا يتوجب على الاسرة ان تشجع الطفل على الرسم و شراء مستلزماته لان ذلك يساعدهم على فهم نفسية طفلهم، فضلا عن تقوية عضلات اليد وتقوية الكتابة فالرسم مهم من الجانب العقلي والجانب الوجداني والجانب النفسي وعلى الاهل فهم الخطوط الاولية للرسم مثل رسم البيت او رسم طفل اخر او رسم الوالدين أو احدهما فلكل رسمة منها تضمر شيء، فالبيت لربما يفتقد الى الجو العائلي الدافئ المحبب فأسرتها كثيرة النزاع فيما بينهم، الطفل الاخر هو اخوه المرتقب الذي سيحل مكانه وغالبا ما يعبر بعض الاباء عن ذلك جهرا بنية المزاح وهذا خطأ لا تحمد عقباه اما الوالدين اما يفتقد حنان احدهما او غيبه الموت ويشتاق اليه او يكونان منفصلين وهو يعيش حالة غير متوازنة بين المكوث مع امه او والده.
وتابعت الصافي: كما ان الالوان لها تأثير فكل لون له خصائص وصفاته فاللون الاحمر يرمز الى القوة والحدة والعنف, واللون الاصفر يثير القلق واللون الازرق يرمز الى التأمل واللون الاخضر يرمز الى الهدوء واللون البنفسجي الى العزلة واللون الاسود يرمز الى الحزن, وكذلك ضغطة القلم هناك أطفال يضغطون بشدة على القلم لدرجة خرق الورقة أثناء الرسم دون وعيه بهذا وهذا يدل على انه مشدود ومنفعل، وهناك بعض الرسوم لدى الاطفال التي تدعي للخوف والقلق مثل رسم أشياء غير لائقة أخلاقيا أو رسم أجزاء ناقصة من الجسم أو رسم فيها الكثير من الشخبطة أكثر من الرسم, وهنا يجب أن نبحث عن المشاكل التي يعاني منها الطفل واللجوء الى المراكز الارشادية او الاستشاري المختص لفهم ما يعانيه الطفل من مشكال نفسية او سلوكية لان رسوم الاطفال تعتبر رسائل غير مباشرة يرسلها لنا اطفالنا.
موقع كربلاء الاخبار
تحرير/ زهراء جبار الكناني