الأخبار والنشاطات

الاعتذار ... مشاعر استثنائية لثقافة حضارية

الاعتذار ... مشاعر استثنائية لثقافة حضارية
تم النشر في 2023/10/21 07:59 1K مشاهدة

انا آسف، كلمة لا يجيد البعض استخدامها اذ يجدون في الاعتذار انتقاصا من كرامتهم  وليس ثقافة حضارية انطلقت من تعاليم ديننا الاسلامي خصوصا ان كان الشخص هو المخطئ، ففي منعطفات الحياة نلتقي بأشخاص كُثر ونغادر مواقع عمل ومقاعد دراسة وغيرها من الاماكن التي تطأها اقدامنا، وفي كل مكان نشد رحالنا عنه علينا ان نترك اثر طيب يذكر من بعدنا مهما كانت الظروف التي تعايشناها آنذاك, فلا يتوقف الامر على الرحيل فحسب بل على وضع نهاية جميلة.

(موقع كربلاء الاخباري) كان له جولة استطلاعية حول الاعتذار وكيف يراه الاخرون.... 

شجاعة الاعتراف 

تؤكد التمريضية صفاء عبد الحسين قائلة : نحن لسنا معصومين من الخطأ وقد تسبب اخطاؤنا حتى وإن كانت غير مقصودة الوقوع في الحرج مع الآخرين او أذيتهم، فالاعتذار هو السبيل الوحيد للتكفير عن الخطأ كما يتوجب ان تكون لدينا الشجاعة الكافية للاعتراف بالخطأ والعمل على جبر خاطر الشخص المقابل وعدم تركه ممتعضا, فلربما تتسع فجوة الخصام لتتحول الى حقد دفين لا تحمد عقباه.
برأيي ان الشخص المعتذر شخص قوي وواثق من نفسه ويتمتع بخلق عالِ كونه حريص على عدم فقدان أصدقائه وزملائه في العمل لأنه اعترف بخطئه بغظ النظر عن ردود الفعل المتوقعة من الشخص المقابل سواء قبل الاعتذار أم لم يقبل . 


الصيد في الماء العكر 
وشاركتنا بالرأي المهندسة سهير عبد العباس قائلة: الاعتذار شيء جيد فهو يغسل القلوب من الأحقاد والضغينة وفي الوقت نفسه يؤدي إلى قطع الطريق امام الأشخاص المغرضين الذين يحاولون الصيد في الماء العكر ويسعون جاهدين ولغايات مختلفة إلى صب الزيت فوق النار, هدفهم بذلك التفرج على الفتنة التي اوقدوها بأيديهم وكذلك توسيع فجوة الخلاف ليصل إلى طريق مسدود لا ينفع معه الاعتذار بعد. 

فرصة أخرى 
من جانب اخر قالت المصورة ختام نجاح: بالنسبة اليّ سوى ان كنت مخطئة او لا فأنيّ ابادر بالاعتذار ان حصل موقف يستوجب ذلك, فبطبيعتي لا احبذ ان اترك مساحة للضغينة في قلب احد ما. 
واضافت: كما هناك حالات سلبية تخص هذا الجانب وهو بوجود اشخاص لا يجيدون فن الاعتذار على الرغم من اعترافهم بالخطأ غير انهم ليسوا قادرين على قول (أنا أسف), وهناك من لا يقبل الاعتذار مهما قدمت لهم من كلمات الاسف حتى وان كان الشخص اخطأ بحقهم مرة واحدة وهو بذلك يستحق فرصة اخرى. 

الكمالات الروحية

فيما قال الشيخ عبد الكريم الحمداني: سعت الرسالات السماوية لان يرتقي الانسان نحو الكمالات الروحية والاخلاقية, كما دعت الى ضرورة التحلي بشفافية الاعتذار لكونها ركيزة حضارية ايجابية على المستويات كافة؛ الشخصية منها وكذلك الاجتماعية والسياسية.
وقد زخرت سير الانبياء والائمة  والصالحين بالكثير من الروايات والافعال المشجعة على تنمية الذات الانساني نحو ذلك وضرورة تقبل الطرف المقابل للاعتذار وهو مصداق للحديث النبوي الشريف (انما بعثت  لأتمم مكارم الاخلاق).

فن الاعتذار 

وشاركتنا الاستشارية النفسية شهلاء الدهش قائلة:
 أغلبنا يواجه مشاكل مختلفة في جميع مفاصل الحياة، ولأن الانسان لديه القابلية للخطأ بطبيعته الفطرية  فأنه معرض دوماً للخطأ أمام الاخرين أو في حقهم، نتيجة السهو أو سوء تقدير أو ما شابه مما يتوجب على الفرد المبادرة بالاعتذار.
والاعتذار الناجح يتكون من مجموعة من السلوكيات الفنية التي ينبغي أداؤها كاملة وبكل دقة, فهو يحتاج الى الموازنة بين الجانب العقلي الذي يهتم بالسلوك ونوعيته ومدى صوابه وخطئه وما أذا كان تعدياً على الاخرين أو لا, فأننا بأمس الحاجة إلى معرفة ثقافة الاعتذار حتى نصل الى أفضل النتائج في تعاملنا مع الآخرين. 
واضافت الدهش: يعتقد كثير من الناس أن تقديم الاعتذار يعد عيباً من العيوب التي تتعلق بالشخصية أو هو انتقاص للشخص أمام الاخرين, وهذا هو الخطأ لمعرفة الاعتذار لذى علينا أن نعي أمرين وهما، أن الاعتذار في حالة الخطأ هو حق من أخطأت بحقه, ولهذا عليك أن تؤديه لصاحبه سواء كان بقصد أم من دون قصد وهو واجب علينا القيام به, فمن يسلب الناس حقوقهم حتى لو كان (أعتذاراً ) هو الشخص المعاب في المجتمع.

طرق اداء الاعتذار
وعن الطرق المثلى لإداء فن الاعتذار تابعت شهلاء: 
علينا الانتظار بعد أن يهدأ المقابل من موجة الغضب فأن نفس الانسان ترضى بالقليل جداً عندما تكون في حالة من الهدوء والاطمئنان، ثم اختيار المكان والوقت المناسب, فالاعتذار ماهو الا طلب لقبول العذر, فلذلك ينبغي أختيار الوقت الذي تكون فيه النفس هادئة مشرعة أبوابها لتضم أي طارق يطرقها, فاختيار المكان والوقت المناسب مهم جدا.
كما يتوجب الابتعاد عن تقديم المبررات الواهية فأن كان الشخص لايمتلك عذراً مناسباً وحقيقياً يكفي الاعتذار والاعتراف بالخطأ, فذلك يكون أكثر فاعلية من التمسك بالمبررات التي تزيد الوضع سوءاً.
ثم الحاق الاعتذار بزيارة فلعل الاعتذار وحده لايبدد تلبدات الغيوم التي سببها الزلل ولايحقق الرضا والصفاء بين الطرفين حتى لو تم قبول العذر, فلذلك ينبغي متابعة العمل بالزيارات أو المشاركة في الاعمال أو تبادل الاراء في قضية ما, أي ممارسة الاعمال الروتينية التي كانت تحدث قبل حدوث الخطأ والاعتذار عنه, حتى لا يشعر الطرفان أن هناك فجوة في العلاقة ويعيدان بناء الثقة المتبادلة فيما بينهما وتبادل الود والاحترام. 

موقع كربلاء الاخباري
تحقيق/ زهراء جبار الكناني