يقال ان الايمان بالشيء يجعل من الامر حقيقة فالاعتقاد بالبدع والتراهات تجعل بعض الناس تؤمن بالمعتقدات او العادات التي ترتبط عادة بالجدات ومنها ما تثبت وفق النوايا الحسنة.
تروي لنا ام رفل حكاية ابنتها البكر (رفل ) حينما رزقت بها وعم البيت السرور عمدت جدتها الى تحميمها بماء ملأته بورق شجرة الياس واستخدام (طاسة الشفاء) لأنها مباركة وذلك لما نقش عليها من آيات قرآنية حيث ستنال الطفلة ببركتها الشفاء من كل سقم طوال حياتها وستحظى بمنزلة عالية من الحظ الوفير.
القرآن شفاء للناس
وتقول الحاجة ام مهدي بأنها اعتادت شرب الماء بطاسة الشفاء او الخلاص كما يسميها البعض وذلك لان الماء يلامس آيات قرآنية مباركة والقرآن فيه شفاء للناس، ولأنها لا تجيد قراءة القرآن (أمية) لجأت إلى استخدام هذا الاناء المبارك.
فيما قالت الاء نجم (موظفة) وهي حامل في الشهر السادس:
انا اشرب الماء بطاسة الخلاص على الدوام في فترات حملي لطفلي الاول وهذا الثاني فقد اعتادت أمي وجدتي على ذلك، وبدوري توارثت هذه العادة وسأنقلها إلى بناتي مستقبلاً.
وحول مدى اعتقادها ببركة هذا الاناء استرسلت قائلة: لا اعلم ان كانت مفيدة ام لا وهل هي بدعة محرمة او لا ضرر بها غير اني احببت الامر ويكفي انها تحمل كلمات من كتاب الله.
وقد ذكرت جدتي (رحمها الله) ان اشرب الماء من خلالها يكون مبارك ويحفظ الأجنة في الأرحام من الأمراض وتقوية بنية الأم والطفل.
صناعة مميزة
تمتاز طاسة الخلاص بصناعة فلكلورية مميزة فهي وعاء يصنع من المعدن واحيانا من الفضة الخالصة وتكون غالية الثمن نُقِشَ بداخله نصوص قرآنية أشهرها آية الكرسي والمعوذتان وبعض الزخرفات، كما لديها تسمية اخرى في بعض البلدان العربية مثل طاسة الرعبة او الرعشة.
تأريخ اكتشافها
يذكر ان اكتشافها يعود الى الحضارات القديمة في بلاد ما بين النهرين حيث وجد الآثاريون أمثلة لها يسمونها بالطاس السحري اذ استخدموها القدامى بالتداوي الروحاني من الخوف والهلع وتعود أصول هذا المعتقد لما كُتِبَ عليها من نصوص مقدسة حيث يعمد الناس حينما يُصاب أحدهم بالخوف نتيجة لخبرِ أو حادثِ ما، إلى ملء الوعاء بالماء وسقيه إياه اعتقاداَ منهم بأن الماء الذي لامس الآيات والنصوص المقدسة سيهدئ من روعِ المصاب.
استخدامات اخرى
وهناك استخدامات اخرى لهذا الوعاء المعدني حيث تستخدمه بعض النسوة في تحميم الطفل حديث الولادة ليكون مباركا وينشأ متدينا وذو حظ عظيم فضلا عن تهدئته ليكون مرتاحًا في نومه.
وهناك من يعتقد بانها تطرد الحسد والاوبئة، وليس ذلك فحسب بل تسهم في تزويج الفتاة المتغيب عنها الحظ، وتساعد المرأة على الإنجاب كما أنها تسهل حالات الولادة للنساء.
كما يترك البعض الوعاء ليلا بسماء مقمرة على عتبة باب الدار وإضافة سبع حباتٍ من التمر أحياناً لشرب الماء في الصباح
لجلب الرزق.
إضافة إلى ذلك يستخدمها البعض للاستحمام، ومنهم أهل الحجاز اذ يستخدمونها بماء زمزم كقيمة مضافة وعلى الرغم من نهي بعض فقهاء الإسلام عن استخدامها، إلا انها لازالت شائعة بكثير من البلدان العربية.
تجار المهنة
حدثنا الحاج حسين الموسوي (تاجر): انا اعمل في مجال بيع المقتنيات الدينية بين السجاد والترب والمسبحات وغير ذلك، وقد كنت حريصا على توفير (طاسة الخلاص) او (طاسة الشفاء) كما تعرف غالبا في اسواق مدينة كربلاء المقدسة، حيث يتم استيرادها من دولة الهند وايران والصين اذ ينقش عليها الآيات القرآنية بآلات مختصة.
وتتراوح اسعارها بين (500) دينار الى (1500) دينار وذلك بحسب نوع المعدن المصنوعة منها، وفي الماضي كانت تستورد انواعا فاخرة لهذا الوعاء منها النحاس الخالص او الفضة وتكون اسعارها باهضة الثمن.
مضيفا، الكثير من السيدات الكبيرات في السن تبتاعها لغرض التبرك بالماء الذي يوضع بها حينما يلامس الآيات القرآنية المباركة المنقوشة حولها.
ختم حديثه: باعتقادي ان هناك سرا في هذا الاناء حيث اثبتت دراسة علمية اجراها استاذ جامعي ان خواص الماء تتغير بعد ان تصب فيه وتتلى عليه آيات قرآنية.
رؤية دينية
يقول الشيخ نزار التميمي بهذا الجانب: ان كل ما لم يكتسب شرعيته من الكتاب والعترة المعصومين فهو دخيل ومن أفاعيل وبدع وتصرفات الناس أنفسهم و من هنا لا يصح القبول بأي فرضية أو فعل يتقدم به الناس هنا أو هناك تحت عنوان ومُسمى الدين والبركة من دون الانتباه أو الالتفات إلى الموقف الشرعي منه، وبالتالي ما يُسمى بطاسة الخلاص هو فعل دخيل ومُبتدع ولا يمت للدين وروحه وأخلاقياته بأي صلة.
مسك الختام
في الختام لا يسعنا القول غير ان الله عز وجل يدر بعطاياه على العباد وفق نواياهم وما كتبه لهم في مسيرة حياتهم وان كان هناك معتقد بان طاسة الشفاء او الخلاص هي اناء مبارك فهذا الاعتقاد جاء من قدسية كتاب الله وآياته التي نقشت عليها الامر الذي جعلهم يتبركون في استخدامها لأغراض عديدة.
موقع كربلاء اللخباري
تحقيق/ زهراء جبار الكناني