الأخبار والنشاطات

مسرح الدمى... فنٌّ يداعب روح الطفولة

مسرح الدمى... فنٌّ يداعب روح الطفولة
تم النشر في 2023/01/25 02:15 2K مشاهدة

لمسرح الدمى تأثير كبير على الطفل انطلاقاً من طبيعة مدركاته العقلية ومخيلته والأهم من ذلك هو حبه الغريزي للدمية، حيث تشكل معادلًا موضوعيًا يسقط من خلالها كل مشاعره ومكنوناته، فتارة يمارس عليها دور الوصي وتارة يجعل منها ذلك الرفيق المقرب ليتحدث معها ويشكو إليها.
وبرغم الحداثة مازال لهذا المسرح حضور مميز ومتجدد في الوسط الفني الخاص بالأطفال، وللتوغل اكثر في ثناياه ارتأ موقع كربلاء الاخباري اللقاء بالدكتورة  زينب عبد الامير الدليمي المختصة في مجال مسرح الطفل و الدمى لتنقل لنا جانبا من تجربتها في هذا المجال، حدثتنا قائلة: 
يشكل مسرح فن الدمى وسيطًا تربويًا امتاعيًا وتفاعلياً بامتياز، وهو محببًا للطفل في تكريس القيم التربوية في بناء شخصيته من خلال منظومة العرض البصرية منها والسمعية اذ يثري قاموسه اللغوي ويعالج ما لديه من مشاكل نفسية وعضوية مثل الخجل او التأتأة او الانطواء وغيرها.
 
طفولة مفعمة بالحب
كانت طفولة زينب الدليمي مفعمة بحب الالعاب حيث تصنع دميتها الخاصة  بنفسها بما يتوفر لديها من خامات القماش, الامر الذي جعلها تلتحق بكلية الفنون الجميلة قسم الفنون المسرحية، لتكمل دراستها الاولية والعليا بهذا المجال وتعمل تدريسية في الجامعة وتشغل منصب نائب رئيس المركز الثقافي العراقي للطفولة وفنون الدمى وممثلة المؤسسة العربية لمسرح الدمى  وممثلة منظمة يونيما(الاتحاد الدولي لفنون الدمى ) ورئيس مركز يونيما في العراق لتكرس حياتها في صناعة وتحريك العرائس الجميلة. 

وحول ما وجدته خلف كواليس هذا العالم قالت: انه عالم محمل بالمزايا يوقظ بداخلي تلك الطفلة التي لا تكبر مهما تعاقبت السنوات والتي كنت اراها في كل عرض اقدمه من خلال مشاريعنا المسرحية التي كانت كواليسها تثير خلقاً جمالياً من نوع خاص على مستوى صناعة الدمى سوى بالتحريك او التأليف او الإخراج، وذلك لأننا نبث الحياة في كائن ساكن من خلال الخامات على مستوى التشكيل والاداء التمثيلي (الحركي والصوتي) ومستوى سينوغرافيا العرض لننتج فضاءات لا حدود لها في التجسيد امام جمهور يضم ويجذب الكبير قبل الصغير.

مستقبل مجهول 
يتميز فن الدمى بسحر وتأثير خاص اذ يحتاج  الى ادوات تجمع بين الخيال والموهبة والفن التشكيلي والابتكار لغرض التجديد في صناعتها وكيفية تحريكها وتقديم نص درامي يوصل رسالة هادفة من خلال عرض يسعى لتحقيق الامتاع البصري والفكري.

وحول ما يتميز به هذا الفن قالت الدليمي: يتميز فن الدمى بخصوصية واشتراطات تجعلها تستقل عن غيرها من الفنون المسرحية فمن يجيد التعامل مع عوالم الدمى لابد من امتلاكه لأدوات ومهارات تجمع ما بين الخيال، والموهبة او الخبرة التشكيلية كـ( الرسم ، التصميم ، النحت)، فضلاً عن الخبرة المسرحية ، كل هذه الاشتراطات تضمن استمرارية حضوره وتجدده.

وعن رؤيتها لمستقبل هذا النوع من الفنون المسرحية في ظل ما يعانيه الوسط الفني بشكل عام اضافت:
ارى ان مستقبل هذا الفن مجهول ولعل اهم أسباب ذلك هو كم العراقيل التي تقف في طريقه, اولها ضعف الوعي بأهميته للطفل وحتى للكبار من متلقيه فنحن الى الان لا نمتلك مقرراً دراسياً يكرس هذا النوع من الاختصاص في كليات ومعاهد الفنون الجميلة في العراق، كما  نفتقد لتأسيس مركز وطني لفنون الدمى او مسرح للدمى بالتناظر مع الكثير من الدول العربية ومنها مصر وتونس وسوريا ولبنان وغيرها.

واضافت: ولإعادة روح وتطوير هذا النوع من المسارح نحتاج للخبرات المسرحية في مجال السينوغرافيا على مستوى الإضاءة والأزياء والمنظر المسرحي والإكسسوار والتقنيات الصوتية والموسيقى وتحريك المقوم الأساسي بين عناصره وهي ( الدمية ) اذ تكون كفيلة باستقطاب الأنظار لها بكل بساطة. 
فضلا عن استقدام ذوي الخبرات في الدول العربية والأجنبية الى العراق لغرض عقد الورش والدورات التدريبية للمهتمين في هذا المجال, وإنشاء مركز وطني لفنون الدمى في بغداد ومراكز فرعية مرتبطة به في كافة المحافظات, وإقامة مهرجانات متخصصة في هذا المجال داخل المؤسسات المعنية الرسمية منها والاهلية، وادخال فنون الدمى كمقرر دراسي في معاهد وكليات الفنون الجميلة.

 
مشاركات متنوعة
شاركت زينب  بعروض كثيرة لمسرح الدمى على كل المستويات و ساهمت بصناعة العديد من الدمى للمسرح  وللتلفزيون، كما خاضت تجربة الاخراج لعدة عروض، فضلاً عن خبرتها في مجال التمثيل عبر الدمى بأنواعها و التأليف المسرحي .
وأثمرت رحلتها الاكاديمية ومشوارها الفني مجموعة من مؤلفات تخصصية منها كتاب (دروس في صناعة وتحريك الدمى) و( مسرح الدمى  دلالات تربوية  سيمائية) و (لعبة الظل والضوء) ومجموعة نصوص مسرحية تحت عنوان ( رحلة زمن عبر الزمن ) هذا وقد تولت ادارة صفحة (مسرح الدمى نيوز ) عبر مواقع التواصل لتنقل من خلالها العديد من الورش التدريبية في صناعة الدمى بمختلف انواعها والتمثيل للمتلقين العراقيين والعرب، الى جانب استضافتها للعديد من المختصين لإقامة الجلسات الثقافية والنقدية.
فضلا عن مشاركتها بتقديم كرنفال خاص للدمى العملاقة بعرض ارتجالي لمسرح الشارع ضم فقرات متنوعة لاقت اعجابا كبيرا من قبل المهتمين بهذا المجال.

مسميات الدمى 
للدمى تسميات معتمدة دولياً وهي ( دمى القفاز الفكية منها وذات الأصابع، دمى الماريونيت او الخيوط، دمى العصى، دمى الممثل او المرتداة، دمى خيال الظل، دمى الطاولة)

مسك الختام
وفي الختام تمنت الدليمي، ان تهتم الجهات المعنية بهذا الفن لأهميته لاسيما كليات ومعاهد الفنون الجميلة في العراق من خلال تضمين مقرراتها بمادة مسرح الدمى ليضمن هذا الفن مستقبل واعد.
وهي تسعى بخطى حثيثة بمناشدة الجهات المعنية لتأسيس مركز وطني لمسرح الدمى يستقطب المعنيين من مصممين ومحركين ومؤلفين ومخرجين, والأهم من ذلك هو ان يحتضن الأطفال لعروض مسرحية موسمية تُقدم لهم على مدار السنة وهذا بدوره يساهم في بناء شخصيتهم وذائقتهم الجمالية ويكسبهم ثقافة الانصات اثناء مشاهدتهم للعروض المسرحية, وأخيراً تنقل زينب تهانيها لكل العرائسيين في العالم بمناسبة اليوم العالمي لمسرح العرائس.

موقع كربلاء الاخباري

تحقيق/ زهراء جبار الكناني