الأخبار والنشاطات

دوامة العقم... حكايات تروي لوعة الحرمان

دوامة العقم... حكايات تروي لوعة الحرمان
تم النشر في 2023/02/19 09:41 493 مشاهدة
غريزة الأمومة جانب من التكوين النفسي و إمتداد  لذات المرأة، كما هو الحال بغريزة الأبوة بالنسبة للرجل فغالبا لا يكتمل نصاب الحياة الزوجية الا بوجود الاطفال خصوصا لدى المرأة لكونها اكثر عاطفة فمنذ نعومة  أظفارها وهي تتقن دور الأمومة بألعابها الصغيرة اذ تعمل على تجسيد أسرة متكاملة في عالمها الخيالي, وما أن تكبر حتى يكبر هاجسها به ليكون هدفها الأول حين دخولها القفص الذهبي...
بهذا الجانب كان لـ (موقع كربلاء الإخباري) هذا الاستطلاع:
 
أزواج بلا اطفال
يتوق قلبي لسماع كلمة (ماما) بهذه الجملة استهلت هدى سلمان (موظفة في عقدها الاربعين) حديثها ثم تابعت قائلة: مر على زواجي عشرة سنوات في كل عام يتسع شعوري بالنقص، فضلا عن نضرات الشفقة المخالطة بالحزن التي ينظر بها اليّ  زوجي محاولا الادعاء بعد المبالاة بالأمر غير انه يشاركني نفس الشعور.  
واضافت: بعد اصرار مني وافق على تربية ابنة أخيه وهي الأخرى ابنة أختي لإشباع غريزتنا التي أصبحت تشكل عقدة في حياتنا، غير ان الأمر لم يعوضنا النقص والحرمان  فشعور الأمومة والابوة من أسمى المشاعر التي لا يمكن أن تعوض ببديل.
فيما وافقت (سحر) وهو اسم مستعار باقتران زوجها بامرأة أخرى, بعد محاولات باءت بالفشل في إنجاب طفل عن طريق جميع الوسائل الطبية المتاحة, فارتأت أن تكون لها ضرة برضاها بدل أن يجبرها الواقع بذلك فيكون نبأ زواجه صدمة أخرى تتلقاها من بعد صدمتها الأولى بعجزها عن الإنجاب.
من جانبها قالت المهندسة (ام علي) وهي كنية مستعارة اطلقها عليها زملائها في العمل بعد تقدمها بالعمر : لم أتمكن من إخفاء شعوري بالضجر عند رؤية قريناتي يحملن أطفالهن أو سماعي أن إحداهن حامل وأنا عاجزة عن تحقيق ذلك، فأحاول جاهدةً أن تسير حياتي بصورة طبيعية بين انشغالي بوظيفتي إضافة إلى أعمال المنزل اليومية وسفري الدائم، وبرغم كل هذا يعتريني الحزن بين فينة واخرى خصوصا  حينما يتحدث زوجي عن امنيته التي لم تتحقق في الإنجاب وشوقه لتجربة شعور الأبوة.
 
وللرجال نصيب
(عادل ) وهو الاخر رفض ذكر اسمه الحقيقي حدثنا قائلا: ما اقاسيه مؤلم جدا فقد شاءت ارادة الله ان لا يرزقني بالذرية ، لكن الأشد ايلاماً هو قسوة المجتمع فحينما أتواجد في المناسبات تنهال الأسئلة التي تثير شجوني، كما هو حال زوجتي حيث يقولون لي (لمن تعمل وتجمع المال لا يوجد من يحمل اسمك أو يرث كل هذا) وكأننا لا نستحق العيش ولتجنب التعرض لهكذا مضايقات بت ابتعد عن الاخرين وخصوصا الاصدقاء المقربين في المناسبات او التجمعات الاجتماعية.
 
الجوانب النفسية
لقد أكدت دراسة أجراها اخصائيو علم الاجتماع على اهمية الدور الذي يلعبه الزوج من خلال منح زوجته شعوراً بأهميتها بصرف النظر عن عدم قدرتها على الإنجاب ليخفف من الوطأة النفسية عليها، كما ينطبق الامر على الزوجة ايضا.
بهذا الجانب حدثتنا الاستشارية النفسية علياء حسين الصافي قائلة:
العقم حالة مرضية قدرها الله سبحانه وتعالى وهو نوع من أنواع الاختبار,  والمرأة التي تعاني من هذه المشكلة  تعيش حالة من القلق والخوف والحزن والضغط النفسي والفكري وتشعر بفقد الثقة في هويتها كأنثى لأنها غير قادرة على أن تلبي نداء فطرتها في أن تصبح أمّاً, وكذلك خوفها الشديد من أن زوجها يمكن أن يتزوج عليها أو يؤثر عليه الاخرون  بالزواج أو الانفصال عنها، حيث تصبح شديدة الحساسية تجاه أي كلمة أو إشارة إلى الموضوع وهذه المشاعر إذا تضخمت لديها ربما تدخل في طور الاكتئاب الذي يجعلها تبدو حزينة ومنعزلة، كما يعاني الرجل من نفس المشاعر  لكون امر الانجاب غريزة فطرية.
 
التغلب على مشكلة العقم
وحول كيفية تجاوز مشكلة العقم تابعت الصافي: على الرجل والمرأة التفكير بعقل متفتح وروح إيجابية متفائلة وعدم اليأس أبدا من رحمة الله سبحانه وتعالى، ومواصلة العلاج خصوصا بعد التقدم الطبي  وعدم جعل مسألة الانجاب محور الحياة، والعمل على اشباع الجوانب الاخرى بالاهتمامات المحببة مثلا،  كالعبادة او العمل او العلاقات الاجتماعية  والأسرية او تنفيذ الهوايات، فإذا كان العقم قد أصاب جزءا من الجسد فلا تزال هناك أجزاءً فيه قادرة على العطاء، فمن الحكمة أن نستفيد ونستمتع بما منحنا الله وأن نتجاوز قدر الإمكان عما حجبه عنا.
واضافت: كما انصح بالابتعاد  قدر الإمكان عن الأشخاص الذين يسببون الاذى او الاحراج بسبب تساؤلاتهم حول موضوع الانجاب، والاستعانة بأخصائيين لطلب المساعدة  سوى في الجانب النفسي او الطبي دون تردد او وجل او خجل.
وختمت حديثها: أن أولى خطوات النجاح في عبور الأزمة وتخطيها تكمن في تقبل الواقع والتكيف معه, والرضا بقضاء الله.
كما تشير الدكتورة  هديل اليا سري اخصائية العقم  إلى: ضرورة علاج المرأة نفسيا قبل خضوعها لعلاج طبي من العقم, لأن الحالة النفسية تؤثر على الاستجابة للعلاج وتؤخره كثيرا وقد ساهم الطب الحديث بزرع الأمل في نفوس العديد من النساء من خلال الحقن المجهري او الإخصاب المعملي والمعروف بـ (طفل الأنابيب) وغيرها من التقنيات الطبية الحديثة, إلا أن هناك حالات تعجز تماما عن ذلك إما بسبب عجز الزوجين عن دفع  تكاليف العلاج, أو تقدم المرأة في السن. 
كما ان هناك كورسا علاجيا للرجال ان كانوا يعانون من امراض تمنع الانجاب يأتي وفق برنامج يضعه الطبيب المختص يخضع له المريض، وبرغم الاكتساح التكنولوجي الذي يشهده الطب الحديث إلا إن إرادة الله تبقى فوق كل شيء.

موقع كربلاء الإخباري
استطلاع/ زهراء جبار الكناني