تحدى بإرادته الظلام كان ينال اعلى الدرجات في مدرسته التي واجه بها صعوبات ومضايقات جمة لوضعه الصحي من قبل زملائه التلاميذ، وحينما انتقل الى الثانوية بدأ يعمل على تطوير قدراته الفكرية في التعايش مع الاخرين باستخدام وسائل تساهم في الاعتماد على نفسه ومن بينها تثبيت برنامج ناطق خاص على الهاتف حيث سعى على تثبيته لجميع اقرانه المكفوفين لمساعدتهم.
(عبد المالك) صبي يافع كان محبا للحياة يعشق الاستماع الى البرامج الاذاعية وفي مشاركة له عبر الراديو لاحد البرامج اعلن عن حلمه، وهو قراءة القصص بنفسه كأي شخص مُبصر وليس الاستماع اليها.
في تلك الاثناء وعلى الجانب الآخر من دنيانا الصغيرة كانت الشابة (تبارك احمد) تستمع اليه فقررت السعيّ بتحقيق حلمه فكان هو ملهمها وحينما انجزت الكتاب الاول من نوعه على مستوى العراق في كتابة القصص القصيرة (للغة برايل) كان عبد المالك قد غادر الحياة حاملا امنيته معه الى القبر.
ثنايا الروح
حدثتنا الشابة تبارك احمد عن تجربتها قائلة:
عبد المالك (رحمه الله) هو من جعلني اسعى في كتابة اول قصة لي (بلغة برايل) ثم شرعت في كتابة المجموعة القصصية الاولى من نوعها (ثنايا الروح) والتي تساعد المكفوفين على قراءة القصص القصيرة، غير ان القدر لم يكن سخيا معي فالموت لا ينتظر ولا يمهلنا حتى لحظات نحقق بها ابسط ما نتمناه .
لقد صدر كتابي متأخرا حيث وافت المنية عبد المالك فلم يكن بمقدوري سوى ان اهدي لروحه (ثنايا الروح).
ماذا فعل بنا الزمان
تبارك طالبة معهد فنون جميلة مرحلة خامسة سعت الى تقديم مشروعها القصصي بعدما كتبت اول قصة لها تحمل عنوان (ماذا فعل بنا الزمان) لتكسر بذلك روتين المألوف وتقدم هدية لجميع المكفوفين من ذوي الاحتياجات الخاصة، تناولت قصتها الاولى حكاية فتاة مكفوفة تعيش حياة قاسية في كنف زوج امها ورفض المجتمع اليها حيث كانت احداث القصة مستوحاة من الواقع ولاقت اعجابا كبيرا من المتذوقين والمختصين.
الامر الذي جعل تبارك تنطلق في توسيع مشروعها في تقديم مجموعة قصصية لهذه الشريحة والتي اسعدتهم هذه المبادرة.
دعم ومشاركات
وحول مشاركتها في مهرجانات او مسابقات مختصة قالت:
لقد شاركت في العديد من المهرجانات الحضورية والمسابقات الالكترونية وكنت احصد النجاح دائما الامر الذي جعلني اتلظى شوقا في تقديم المزيد، ففضلا عن المشاركة الادبية كنت اشعر بأن ما قدمته له وقع وجداني وانساني اكثر.
تكلفة المشروع
وعن التكلفة المادية اضافت: تجاوزت مدة انجاز مشروعي الستة أشهر ليبصر النور وذلك لصعوبة الطباعة كما بلغت كلفة كل نسخة تسعة عشر الف دينار، وذلك لان سعر الورق الخاص (بلغة برايل) باهض الثمن الامر الذي جعلني اختصر عدد النسخ وطباعة (30) نسخة فقط.
شكر وثناء
تنوعت هوايات تبارك بين الرسم والنحت وكتابة القصص وكانت والدتها الداعمة الاولى لها في جميع هواياتها، كما كان لأساتذتها الدور الكبير في تلقينها اساسيات كتابة القصة القصيرة وحثها على انجاز مشروعها، هذا وقد اثنت على جميع من ساعدها في مسيرتها الدراسية والعملية لتصل الى ما هي عليه الان في تقديم مشاريع هادفة تخدم افراد من المجتمع ادبيا ومعنويا.
ختامها أمل
ختمت تبارك حديثها متمنية ان يكتمل نصاب مشروعها في اصدار نسخ اكثر ليصل الى عدد اكبر من المكفوفين في جميع مدن العراق ولديها امل كبير في تحقيق هذا الحلم الذي تعده اجمل شيء في حياتها فقد كانت تلك التجربة كما وصفتها، نافذة اطلت بها على عالم اخر تملأه الارادة والتحدي والحب.